.................................................................................................
______________________________________________________
وربما تعارض الصحيحة بموثّقة الحسن بن الجهم قال : «سألت الرضا عليهالسلام عن الرجل يصلّي بالقوم في مكان ضيّق ويكون بينهم وبينه ستر أيجوز أن يصلّي بهم؟ قال : نعم» (١) ويقال : إنّ مقتضى الجمع العرفي حمل الصحيحة على الاستحباب ، فيراد من قوله عليهالسلام فيها : «فليس تلك لهم بصلاة» نفي الكمال ، كما في قوله عليهالسلام : «لا صلاة لجار المسجد إلّا في المسجد» (٢) لا نفي الصحّة لتدلّ على المانعية.
وفيه أوّلاً : أنّ الموثّق مضطرب المتن ، فحكي تارة كما أثبتناه ، وأُخرى كما عن بعض نسخ الوافي بتبديل الستر بالشبر (٣) بالشين المعجمة والباء الموحّدة ولعل الثاني أقرب إلى الصحّة وأوفق بالاعتبار ، لكونه الأنسب بفرض ضيق المكان ، فإنّ المأموم إذا كان وحده يصلّي على أحد جانبي الإمام وجوباً أو استحباباً ، وإذا كان امرأة أو أكثر من الواحد يقف خلفه وجوباً أيضاً أو استحباباً.
والمفروض في الموثّق تعدّد المأمومين ، لقوله : «يصلّي بالقوم» ، فيلزم على الرجل أن يقف خلف الإمام ، ولكن حيث إنّ المكان ضيّق فلا يسعه الوقوف إلّا على جانب الإمام ، فسئل حينئذ أنّ الفصل بينه وبين الإمام إذا كان بمقدار الشبر فهل تجوز الصلاة ، فأجاب عليهالسلام بقوله : «نعم». فالمعنى إنّما يستقيم على هذا التقدير ، وإلّا فالسؤال عن وجود الساتر لا يرتبط مع فرض ضيق المكان كما لا يخفى. وعليه فالموثّق أجنبي عمّا نحن فيه.
وثانياً : على تقدير كون النسخة هو الستر فحيث إنّ الجواز مع الحائل هو المعروف من مذهب العامّة فالموثّق محمول لا محالة على التقيّة كما ذكره في الوسائل ، فلا تنهض لمعارضة الصحيحة.
__________________
(١) الوسائل ٨ : ٤٠٨ / أبواب صلاة الجماعة ب ٥٩ ح ٣.
(٢) الوسائل ٥ : ١٩٤ / أبواب أحكام المساجد ب ٢ ح ١.
(٣) الوافي ٨ : ١١٩٢ / ٨٠٢٨.