.................................................................................................
______________________________________________________
الثاني : حمل النهي عن المكتوبة في الأخيرة على الكراهة ، وكذا في الثانية بقرينة الترخيص الذي تضمّنته الطائفة الأُولى ، تحكيماً للنصّ على الظاهر لصراحة الاولى في الجواز ، فيرفع اليد عن ظهور النهي في المنع ويحمل على الكراهة. ولا تصل النوبة إلى هذا الجمع إلّا بعد تعذّر الجمع الأوّل ، وإلّا فهو المتعيّن كما لا يخفى.
الثالث : ما ذكره صاحب الحدائق (قدس سره) (١) وأصرّ عليه من أنّ المكتوبة والنافلة الواردتين في الطائفة الأخيرة وصفان للجماعة ، لا للصلاة نفسها. فالممنوع إمامتها لمثلها في الجماعة الواجبة كما في صلاة الجمعة والعيدين ، دون ما كانت الجماعة مستحبّة وإن كانت ذات الصلاة فريضة كما في الصلوات اليومية.
فمفاد هذه الروايات المفصّلة بين النافلة والمكتوبة جواز إمامتها في الصلاة التي تستحبّ فيها الجماعة كالصلاة اليوميّة ، وعدم جوازها في الصلاة التي تجب فيها الجماعة كالجمعة ، ولا نظر فيها إلى التفصيل في ذات الصلاة بين الفريضة والنافلة. وبهذا جمع بين الطائفتين الأُوليين ، فحمل المجوّزة على الجماعة المستحبّة ، والمانعة على الجماعة الواجبة.
أقول : أمّا الجمع الأخير فهو أبعد الوجوه ، بل في غاية السقوط ، فانّ حمل المكتوبة والنافلة على الجماعة الواجبة والمستحبّة خلاف الظاهر جدّاً ، ولم يعهد إطلاق اللفظين في لسان الأخبار على كثرتها إلّا وصفاً لذات الصلاة ، وأمّا توصيف الجماعة بهما فلم يوجد ولا في مورد واحد.
وكيف يمكن حمل قوله عليهالسلام في هذه الصحاح «تؤمّهنّ في النافلة ...» إلخ على ما ذكره ، فانّ ظاهر الظرفية بل صريحها ملاحظة الإمامة في صلاة متّصفة بالنفل تارة وبالفرض اخرى ، لا في جماعة كذلك ، إذ لا معنى لقولنا تؤمّهنّ في الجماعة ، كما لا يخفى.
__________________
(١) الحدائق ١١ : ١٨٩.