.................................................................................................
______________________________________________________
الأعرابي من حيث هو لا خصوصية فيه ، وإنّما لا يؤتمّ به لنقص في وضوئه وصلاته وجفائه عنهما. فتكون أيضاً أجنبية عن محلّ الكلام من عدم جواز الائتمام بالأعرابي بما هو أعرابي مع استجماعه لسائر الشرائط.
فهذه الروايات غير صالحة الاستدلال ، والعمدة هي الصحيحتان المتقدّمتان ، وقد ذكر صاحب الوسائل أُولاهما أعني صحيحة أبي بصير في موضعين : أحدهما ما مرّ ، والآخر في باب ١٤ من صلاة الجماعة ح ١ معبراً عن أبي بصير في الثاني بقوله : يعني ليث المرادي. وكيف ما كان ، فسواء كان ليثاً أم غيره فهو موثّق ، والرواية صحيحة ، وقد تضمّنت عدم جواز إمامة الأعرابي حتّى لمثله ، بمقتضى الإطلاق.
لكنّ الثانية أعني صحيحة زرارة مقيّدة بالمهاجرين ، فهل يحمل المطلق على المقيّد فيختصّ النهي بإمامته للمهاجرين ، أو يعمل بكليهما معاً ، أو يحمل النهي فيهما على الكراهة؟ وجوه ، بل أقوال كما مرّ.
أمّا الأخير فلا وجه له ظاهر. ودعوى أنّ مناسبة الحكم والموضوع تقتضي الحمل على الكراهة ، بشهادة التعليل بالجفاء عن الوضوء والصلاة في رواية قرب الإسناد المتقدّمة ، الظاهر في أنّ كراهة إمامته لأمر خارجي لا لكونه أعرابياً ، غير مسموعة. والرواية ضعيفة كما سمعت ، فلا تصلح للاستشهاد.
فيدور الأمر بين الاحتمالين الأوّلين ، وقد يقال بالثاني ، نظراً إلى عدم التنافي بينهما كي يجمع بحمل المطلق على المقيّد ، فانّ مورد التنافي المقتضي للحمل ما إذا كان الحكم في الدليل المطلق مجعولاً على نحو صرف الوجود ، مثل قوله : أعتق رقبة ، مع قوله : أعتق رقبة مؤمنة. فإنّ المطلوب شيء واحد ، وهو صرف وجود العتق ، فيدور الأمر بين كونه مقيّداً بحصّة خاصّة وأنّ المراد من مجموع الدليلين شيء واحد وهي الرقبة المؤمنة. وأن يكون مطلقاً والأمر في المقيّد محمولاً على الاستحباب لبيان أفضل الأفراد. والمقرّر في محلّه (١) أنّ
__________________
(١) محاضرات في أُصول الفقه ٥ : ٣٧٥.