.................................................................................................
______________________________________________________
المتعيّن هو الأوّل ، عملاً بظاهر الأمر في دليل التقييد ، بعد أن لم تكن ثمّة قرينة تقتضي صرفه إلى الاستحباب.
وأمّا إذا كان الحكم انحلالياً ومجعولاً على نحو مطلق الوجود ، الساري إلى جميع الأفراد على سبيل تعدّد المطلوب ، فليست هناك أيّة منافاة بين الدليلين كي تحتاج إلى الجمع ، لجواز الأخذ بكلّ منهما ، نظير قوله : بول الهرة نجس (١) بالإضافة إلى قوله عليهالسلام : «اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه» (٢) وقوله : النبيذ حرام (٣) ، مع قوله : «كلّ مسكر حرام» (٤) ، وقوله : ماء البحر طاهر» (٥) مع قوله : خلق الله الماء طهوراً (٦) إلى غير ذلك من الأحكام المجعولة على الطبيعة السارية ، التي لا تنافي بينها وبين ما دلّ على ثبوت الحكم لبعض أفرادها كي يحمل مطلقها على مقيّدها. فلا يحمل ما لا يؤكل على خصوص الهرة ، ولا المسكر على النبيذ ، ولا الماء على ماء البحر ، بل يعمل بكلا الدليلين بعد عدم التنافي في البين.
والمقام من هذا القبيل ، فإنّ صحيحة أبي بصير دلّت على المنع من إمامة الأعرابي بنحو مطلق الوجود ، الشامل لمثله وللمهاجر ، فلا تنافيها صحيحة زرارة الخاصّة بالمهاجر ، بل يعمل بكل منهما. ومعلوم أنّ التقييد بالمهاجر لا يدلّ على نفي الحكم عن غيره ليقع التنافي بينه وبين الإطلاق ، لعدم مفهوم للوصف. فلا تنافي بين الدليلين ، لا من ناحية صناعة الإطلاق والتقييد ، ولا من ناحية مفهوم القيد ، كي يستوجب الحمل المزبور. فلا مناص من الأخذ بكلا الدليلين.
__________________
(١) الوسائل ٣ : ٤٠٤ / أبواب النجاسات ب ٨ ح ١ ، ٧ ، (نقل بالمضمون).
(٢) الوسائل ٣ : ٤٠٥ / أبواب النجاسات ب ٨ ح ٢.
(٣) الوسائل ٢٥ : ٣٣٤ / أبواب الأشربة المحرمة ب ١٥ ح ٣٠.
(٤) الوسائل ٢٥ : ٣٢٥ / أبواب الأشربة المحرمة ب ١٥ ح ١ ، ٣ ، ٥ وغيرها.
(٥) الوسائل ١ : ١٣٦ / أبواب الماء المطلق ب ٢ ح ٤ ، (نقل بالمضمون).
(٦) الوسائل ١ : ١٣٥ / أبواب الماء المطلق ب ١ ح ٩ ، ٤.