فرفع عتبة إليه رأسه وقال لغلامه : ادفع إليه مئة درهم. فقال له الأعرابي : ما أريد إلاّ الديّة تامة.
فلم يعنَ به عتبة ، فانصرف الأعرابي آيساً منه ، فالتقى بابن الزبير فعرض عليه قصّته ، فأمر له بمئتي درهم فردّها عليه ، وأقبل نحو الإمام الحسين (عليه السّلام) فرفع إليه حاجته ، فأمر له بعشرة آلاف درهم ، وقال له : «هذه لقضاء ديونك». وأمر له بعشرة آلاف درهم اُخرى وقال له : «هذه تلمّ بها شعثك ، وتحسن بها حالك ، وتنفق بها على عيالك». فاستولت على الأعرابي موجات من السرور ، واندفع يقول :
طربتُ وما هاج لي معبقُ |
|
ولا لي مُقامٌ ولا معشَقُ |
ولكنْ طربتُ لآل الرسو |
|
لْ فلذّ ليَ الشعرُ والمنطقُ |
هُمُ الأكرمونَ هُمُ الأنجبون |
|
نجومُ السماء بهم تُشرقُ |
سبقتَ الأنام إلى المكرماتِ |
|
وأنت الجوادُ فلا تُلحَقُ |
أبوك الذي ساد بالمكرماتْ |
|
فقصّر عن سبقه السُّبّقُ |
به فتح اللهُ باب الرشادِ |
|
وبابُ الفساد بكم مُغلَقُ (١) |
٤ ـ مع أعرابي :
وقصده أعرابي فسلّم عليه وسأله حاجته ، وقال : سمعت جدّك يقول : «إذا سألتم حاجة فاسألوها من أربعة ؛ إمّا عربي شريف ، أو مولى كريم ، أو حامل القرآن ، أو صاحب وجه صبيح». فأمّا العرب فشرفت بجدّك ؛ وأمّا الكرم فدأبكم وسيرتكم ؛ وأمّا القرآن ففي بيوتكم نزل ؛ وأمّا الوجه الصبيح فإنّي سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول : «إذا أردتم أن تنظروا إليّ فانظروا إلى الحسن والحسين».
__________________
(١) عقد الآل في مناقب الآل للبحراني.