كان الإمام (عليه السّلام) كثير الحجّ ، وقد حجّ خمساً وعشرين حجّة ماشياً على قدميه (١) ، وكانت نجائبه تقاد بين يديه (٢) ، وكان يمسك الركن الأسود ويناجي الله ويدعو قائلاً :
«إلهي ، أنعمتني فلم تجدني شاكراً ، وابتليتني فلم تجدني صابراً ؛ فلا أنت سلبت النعمة بترك الشكر ، ولا أدمت الشدّة بترك الصبر. إلهي ما يكون من الكريم إلاّ الكرم» (٣).
وخرج (عليه السّلام) معتمراً لبيت الله فمرض في الطريق ، فبلغ ذلك أباه أمير المؤمنين (عليه السّلام) وكان في يثرب ، فخرج في طلبه فأدركه في (السقيا) وهو مريض ، فقال له :
«يا بني ، ما تشتكي؟».
«أشتكي رأسي».
فدعا أمير المؤمنين (عليه السّلام) ببدنة فنحرها ، وحلق رأسه وردّه إلى المدينة ، فلمّا أبل من مرضه قفل راجعاً إلى مكة واعتمر (٤) ، هذا بعض ما أثر من طاعته وعبادته.
__________________
(١) تاريخ ابن عساكر ١٣ / ٢٥٤ ، سير أعلام النبلاء ٣ / ١٩٣ مجمع الزوائد ٩ / ٢٠١ ، تهذيب الأسماء ١ / ١٦٣ ، مناقب ابن المغازلي رقم الحديث ٦٤ ، مختصر صفوة الصفوة / ٦٢.
(٢) صفوة الصفوة ١ / ٣٢١ ، طبقات الشعراني ١ / ٢٣ ، تاريخ ابن عساكر ١٣ / ٥٤.
(٣) الكواكب الدرّية ١ / ٥٨.
(٤) دعائم الإسلام ١ / ٣٩٥.