فقال : كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله) دائم البشر ، سهل الخلق ، ليّن الجانب ، ليس بفظٍّ ولا غليظ ، ولا صخّاب ولا فحّاش ، ولا عيّاب ولا مشّاح ، يتغافل عما لا يشتهي ولا يؤيس منه ، ولا يخيب فيه. قد ترك نفسه من ثلاث : المراء ، والإكبار ، وما لا يعنيه ، وترك الناس من ثلاث : كان لا يذمّ أحداً ولا يعيبه ، ولا يطلب عورته ، ولا يتكلّم إلاّ فيما رجا ثوابه ؛ وإذا تكلّم أطرق جلساؤه كأنّما على رؤوسهم الطير ، فإذا سكت تكلّموا ، لا يتنازعون عنده الحديث ، ومَن تكلّم عنده أنصتوا إليه حتّى يفرغ.
حديثهم عنده حديث أوّلهم ، يضحك مما يضحكون منه ، ويتعجّب مما يتعجّبون ، ويصبر للغريب على الجفوة في منطقه ومسألته حتّى إن كان أصحابه ليستجلبونهم ، ويقول : إذا رأيتم طالب حاجة يطلبها فأرفدوه. ولا يقبل الثناء إلاّ من مكافئ ، ولا يقطع على أحد حديثه حتّى يجور (١) فيقطعه بنهي أو قيام» (٢).
وقد امتاز النبي (صلّى الله عليه وآله) على عامة النبيين بهذه الأخلاق العالية التي ألّفت ما بين قلوب المسلمين ، ووحّدت ما بين مشاعرهم وعواطفهم ، وجعلتهم في عصورهم الاُولى سادة الاُمم ، والأدلاّء على مرضاة الله وطاعته.
٣ ـ روى (عليه السّلام) عن أبيه قال : «قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : مَن قُتل دون ماله فهو شهيد» (٣).
٤ ـ روى (عليه السّلام) عن أبيه قال : «قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : عجبت لمَن يحتمي من الطعام مخافة الداء ، كيف لا يحتمي من الذنوب مخافة النار» (٤).
__________________
(١) يجور : أي يميل عن الحق.
(٢) الحسين ١ / ١٣٧ ـ ١٣٨.
(٣) مسند أحمد بن حنبل.
(٤) الأربعين ـ لبهاء الدين العاملي / ١١١.