عليّ به شكرك أبداً جديداً ، وثناءً طارفاً عتيداً (١). أجل ولو حرصت أنا والعادون من أنامك أن نحصي مدى إنعامك سالفة (لفة ـ خ ل ـ) وآنفة ما حصرناه عدداً ، ولا أحصيناه أمداً ، هيهات أنّى ذلك! وأنت المخبر في كتابك الناطق والنبأ الصادق : (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا) (٢). صدق كتابك اللّهمّ وأنباؤك ، وبلّغتْ أنبياؤك ورسلك ما أنزلت عليهم من وحيك ، وشرّعت لهم وبهم من دينك ، غير أنّي يا إلهي أشهد بجهدي وجدّي ، ومبلغ طاعتي ووسعي ، وأقول مؤمناً موقناً : الحمد لله الذي لم يتّخذ ولداً فيكون موروثاً ، ولم يكن له شريك في ملكه فيضادّه فيما ابتدع ، ولا ولي من الذلّ فيرفده فيما صنع (٣) ، فسبحانه سبحانه (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا) وتفطّرتا (٤)! سبحان الله الواحد الأحد ، الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد! الحمد لله حمداً يعادل حمد ملائكته المقرّبين وأنبيائه المرسلين ، وصلّى الله على خيرته محمد خاتم النبيِّين ، وآله الطيبين الطاهرين المخلصين وسلّم».
وأخذ الحسين (عليه السّلام) يدعو الله وقد جرت دموع عينيه على سحنات وجهه الشريف وهو يقول :
«اللّهمّ اجعلني أخشاك كأنّي أراك ، وأسعدني بتقواك ، ولا تشقني بمعصيتك ، وخر لي في قضائك (٥) ، وبارك لي في قدرك حتّى لا اُحبّ تعجيل ما أخّرت ، ولا تأخير ما عجّلت. اللّهمّ اجعل غناي في نفسي ، واليقين
__________________
(١) الطارف : المستحدث. العتيد : الجسيم.
(٢) سورة إبراهيم / ٣٤.
(٣) رفده ، وأرفده : أعطاه.
(٤) تفطّر : انشق.
(٥) «اللّهمّ خر لي» : أي اختر لي أصلح الأمرين.