إن وفى به مال آل عمر فأدّه من أموالهم ، وإلاّ فسل في بني عدي بن كعب فإن لم تفِ به أموالهم فسل في قريش ، ولا تعدهم إلى غيرهم (١).
ونحن إذا تأمّلنا في هذه الوصية ، نجد فيها عدّة أمور تدعو إلى التساؤل وهي :
١ ـ إنّ هذه الأموال الضخمة التي استدانها من بيت المال لم ينفقها إلاّ في شؤونه الخاصة ، ولو كان قد أنفقها على شؤون المسلمين لَما كان هناك أيّ مجال لاسترجاعها من آل الخطّاب ، وهذا ـ من دون شك ـ لا يتفق مع ما نقله الرواة عن سيرته من أنه كان متحرّجاً أشدّ التحرّج وأقساه في أموال الدولة ، وأنه لم يكن ينفق منها أي شيء على شؤونه الخاصة.
٢ ـ إنه عهد إلى ابنه عبد الله أن يستوفي هذه الديون من آله ، فإن وفت أموالهم بها فهو وإلاّ فيسأل أسرته عن وفائها ، وهذا يكشف أنه قد منحها لهم وإلاّ فما هو المبرّر لاستيفائها منهم؟ إذ لا سلطان له على مال الغير وإن كان قريباً منه ، وفيما نحسب أنّ هذه الأموال قد وهبها لهم ، وهو يتصادم مع ما نقل عنه من أنه كان يشتدّ على أهله حتّى يرهقهم من أمرهم عسراً ، وأنه قد أخذهم بضروب من الشدّة والعنف ، وساوى بينهم وبين بقية المسلمين في العطاء.
٣ ـ إنّ وصيّته لولده عبد الله أن يسأل من قريش خاصة بتسديد ما عليه من ديون إذا لم تف أموال اُسرته بها ، يكشف عن مدى صلته العميقة وارتباطه الوثيق بهم ، وقد كان فيما يقول المؤرّخون : الممثّل الوحيد للفئات القرشية ، وأنه كان يعكس في تصرّفاته جميع رغباتها وميولها.
هذه بعض الملاحظات التي تواجه هذه الوصية ، ولم ينص المؤرّخون
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ١٢ / ١٨٨.