إلاّ حرصك عليها ، وإنك أحرى القوم إن وليتها أن تقيم على الحقّ المبين والصراط المستقيم (١).
وقد وصم أعضاء الشورى بمساوئ الصفات ، فوصف عبد الرحمان بن عوف بأنه فرعون هذه الاُمّة ، ومن الغريب حقّاً أنه لم يلبث أن فوّض إليه شؤون الانتخاب ، وجعل قوله منطق الفصل وفصل الخطاب ... كما اتّهم الإمام بالحرص على الخلافة ، إلاّ أنّ سيرة الإمام المشرقة تدلّ على عكس ذلك ، فإنه (عليه السّلام) لم يكن من عشّاق السلطة ولا من طلاّب الملك ، وأنه إنما نازع الخلفاء وأقام عليهم الحجّة بأنه أولى بالأمر منهم ، لا ليتخذ من الحكم وسيلة للتمتّع بخيرات البلاد ـ كما اتّخذه بعضهم ـ ولا من أجل التمتّع بالرغبات النفسية التي تتطلّب السلطان وتتهالك عليه لبسط نفوذها واستعلائها على الناس ؛ إنّ الإمام (عليه السّلام) لم يكن بأيّ حال ينشد مثل هذه الأهداف الرخيصة ، وإنما كان يبغي الحكم لنشر العدل ، وإقامة الحق ، وتطبيق شريعة الله على واقع الحياة ، من أجل هذه الغايات النبيلة كان (عليه السّلام) حريصاً على الخلافة ، وقد أدلى بذلك بقوله : «اللّهمّ إنك تعلم أنه لم يكن الذي كان منّا منافسة في سلطان ، ولا التماس شيء من فضول الحطام ، ولكن لنردّ المعالم من دينك ، وتقام المعطلة من حدودك ، ويأمن المظلومون من عبادك».
وأعرب (عليه السّلام) في حديث له مع ابن عباس بذي قار عن مدى زهده بالسلطة. واحتقاره للحكم ، فقد كان (عليه السّلام) يخصف بيده نعلاً له فالتفت إلى ابن عباس :
«يابن عباس ، ما قيمة هذا النعل؟».
ـ يا أمير المؤمنين ، لا قيمة له.
__________________
(١) الإمامة والسياسة ١ / ٢٤.