ـ «إنه خير من خلافتكم هذه إلاّ أن اُقيم حقّاً وأدفع باطلاً».
إنّه إنما كان حريصاً على الخلافة من أجل إقامة المثُل العليا ، وتحقيق العدالة الاجتماعية وتطوير الوعي الاجتماعي ، وازدهار الحياة العامة.
٣ ـ وفي رواية ثالثة أنّ عمر دعا أعضاء الشورى فلمّا مثلوا عنده قال لهم : أكلّكم يطمع بالخلافة بعدي؟
ووجموا عن الكلام ، فأعاد القول عليهم ثانياً ، فانبرى إليه الزبير رادّاً عليه مقالته : وما الذي يبعدنا منها؟! وليتها أنت فقمت بها ، ولسنا دونك في قريش ولا في السابقة ولا في القرابة.
ولم يسعه الرد عليه ، وقال لهم : أفلا اُخبركم عن أنفسكم؟
ـ قل فإنا لو استعفيناك لم تعفنا.
وأخذ يدلي عليهم اتجاهاتهم وميولهم ويحدّثهم عن نفسيّاتهم ، فاتجه صوب الزبير فقال له : أمّا أنت يا زبير ، فوعق لقس (١) ، مؤمن الرضى كافر الغضب ، يوماً إنسان ويوماً شيطان ، ولعلّها لو أفضت إليك ظلت يومك تلاطم بالبطحاء على مد من شعير. أفرأيت إن أفضت إليك ، فليت شعري مَن يكون للناس يوم تكون شيطاناً ، ومَن يكون يوم تغضب؟! وما كان الله ليجمع لك أمر هذه الاُمّة وأنت على هذه الصفة.
إنّ الزبير حسب هذا التحليل النفسي لشخصيته مبتلى بآهات خطيرة ، وهي :
__________________
(١) الوعق : الضجر المتبرّم. اللقس : مَن لا يستقيم على وجه.