وحرم رسوله ، وقد اُترعت نفسه بالحزن والأسى على فراق أهل البيت (عليهم السّلام) الذين هم وديعة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في اُمّته.
لقد مضى أبو ذر إلى الربذة ليموت فيها جوعاً ، وفي يد عثمان ذهب الأرض ينفقه على بني اُميّة وآل أبي معيط ، ويحرمه على أبي ذر شبيه المسيح عيسى بن مريم هدياً وسمتاً.
ولمّا قفل الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) راجعاً من توديع أبي ذر استقبلته جماعة من الناس فأخبروه بغضب عثمان واستيائه منه ؛ لأنه خالف أوامره التي حرمت على المسلمين الكلام مع أبي ذر وتوديعه ، فقال (عليه السّلام) : «غضب الخيل على اللجم» (١).
وبادر عثمان نحو الإمام (عليه السّلام) فصاح به : ما حملك على ردّ رسولي؟
ـ «أمّا مروان فإنه استقبلني يردّني فرددته عن ردّي ؛ وأمّا أمرك فلم أرده».
ـ أوَ لم يبلغك أنّي قد نهيت الناس عن تشييع أبي ذر؟
ـ «أوَ كلّ ما أمرتنا به من شيء يُرى طاعة الله والحقُّ في خلافه اتبعنا فيه أمرك؟».
ـ أقد مروان.
ـ «وما أقيده؟».
ـ ضربت بين اُذني راحلته.
ـ «أمّا راحلتي فهي تلك ؛ فإن أراد أن يضربها كما ضربت راحلته فليفعل ؛ وأمّا أنا فوالله لئن شتمني لأشتمنّك أنت بمثلها ، لا أكذب فيه ولا أقول إلاّ حقّاً».
__________________
(١) يضرب مثلاً لمَن يغضب غضباً لا ينتفع به.