أشدّ الناس تحاملاً على أصحاب الكساء ، وكان ينادي بذلك في السوق (١) ، وبلغ من إصراره وعناده أنه كان يقول : مَن شاء باهلته أنّها نزلت في أزواج النبي (٢). ومن الطبيعي أنّ نداءه في السوق ، وعرضه للمباهلة إنّما يدلّ على بغضه الشديد للعترة الطاهرة التي هي عديلة القرآن الكريم ، ولا بدّ لنا من النظر في شؤون عكرمة ومقاتل حتى يتبيّن اندفاعهما لِما زعماه.
عكرمة البربري : هو أبو عبد الله المدني ، أصله من البربر ، كان مولى للحصين بن أبي الحر العنبري ، فوهبه لابن عباس لمّا ولي البصرة من قِبَل الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) ، وبقى رقّاً حتى توفّي ابن عباس ، فباعه علي بن عبد الله ثمّ استردّه (٣). وقد جُرح في عقيدته واتّهم في سلوكه ؛ فقد ذكر المترجمون له ما يلي :
١ ـ أنّه كان من الخوارج (٤) ، وقد وقف على باب المسجد فقال : ما فيه إلاّ كافر (٥) ؛ لأنّ الخوارج ذهبوا إلى كفر المسلمين. أمّا موقفهم من الإمام أمير المؤمنين فمعروف بالنصب والعداء.
٢ ـ أنّه عُرف بالكذب ، وعدم الحريجة منه ، وقد اشتهر بهذه الظاهرة. فعن ابن المسيّب أنه قال لمولاه برد : لا تكذب عليّ كما كذب عكرمة على ابن عباس (٦). وعن عثمان بن مرة أنّه قال للقاسم : إنّ
__________________
(١) أسباب النزول ـ للواحدي / ٢٦٨.
(٢) الدر المنثور ٥ / ١٩٨.
(٣) تهذيب التهذيب ٧ / ٢٦٣.
(٤) ميزان الاعتدال ٣ / ٩٥ ، طبقات القرّاء ١ / ١٥ ، طبقات ابن سعد ٥ / ٢١٦.
(٥) ميزان الاعتدال ٣ / ٩٥.
(٦) ميزان الاعتدال ٣ / ٩٦.