شكّ من الخصلتين لقد كان ينبغى له أن يعتزله ويركد جانبا (١) ويدع النّاس معه ، فما فعل واحدة من الثّلاث ، وجاء بأمر لم يعرف بابه ، ولم تسلم معاذيره.
١٧٠ ـ ومن خطبة له عليه السّلام
أيّها الغافلون غير المغفول عنهم ، والتّاركون المأخوذ منهم (٢) ما لى أراكم عن اللّه ذاهبين ، وإلى غيره راغبين؟ كأنّكم نعم أراح بها سائم إلى مرعى وبىّ ، ومشرب دوىّ (٣)!! إنّما هى كالمعلوفة للمدى ، لا تعرف ما ذا يراد بها : إذا أحسن إليها تحسب يومها دهرها (٤) وشبعها أمرها ، واللّه لو شئت أن أخبر كلّ رجل منكم بمخرجه ومولجه وجميع شأنه لفعلت (٥) ولكن أخاف
__________________
(١) ويركد جانبا : يسكن فى جانب عن القاتلين والناصرين
(٢) «التاركون ـ الخ» أى : إن التاركين لما أمروا به المأخوذة منهم أعمارهم تطويها عنهم يد القدرة ساعة بعد ساعة ، فالمأخوذ منهم صفة للتاركين.
(٣) النعم ـ محركة ـ الابل ، أو هى والغنم ، و «أراح بها» : ذهب بها ، وأصل الاراحة : الانطلاق فى الريح فاستعمله فى مطلق الانطلاق ، والسائق : الراعى ، والوبى : الردى ، يجلب الوباء ، والدوى : الوبيل ، يفسد الصحة أصله من الدوا ـ بالقصر ـ أى : المرض. والمدى : جمع مدية ، وهى السكين ، أى : معلوفة للذبح
(٤) «تحسب يومها دهرها» أى : لا تنظر إلى عواقب أمورها فلا تعد شيئا لما بعد يومها ، ومتى شبعت ظنت أنه لا شأن لها بعد هذا الشبع. هذا كلام كأنه ثوب فصل على أقدار أهل هذا الزمان
(٥) «بمخرجه ـ الخ» أى : من أين يخرج ، وأين يلج : أى يدخل :