٢٢١ ـ ومن خطبة له عليه السّلام
دار بالبلاء محفوفة ، وبالغدر معروفة ، لا تدوم أحوالها ، ولا تسلم نزّالها (١) ، أحوال مختلفة ، وتارات متصرّفة ، العيش فيها مذموم ، والأمان منها معدوم ، وإنّما أهلها فيها أغراض مستهدفة ، ترميهم بسهامها ، وتفنيهم بحمامها (٢)
واعلموا ، عباد اللّه ، أنّكم وما أنتم فيه من هذه الدّنيا على سبيل من قد مضى قبلكم (٣) ، ممّن كان أطول منكم أعمارا ، وأعمر ديارا ، وأبعد آثارا ، أصبحت أصواتهم هامدة ، ورياحهم راكدة (٤) ، وأجسادهم بالية ، وديارهم خالية ، وآثارهم عافية ، فاستبدلوا بالقصور المشيّدة ، والنّمارق الممهّدة (٥) الصّخور والأحجار المسندة ، والقبور اللاّطئة الملحدة (٦) ، الّتى قد بنى بالخراب
__________________
(١) النزال ـ بالضم وتشديد الزاى ـ جمع نازل
(٢) الحمام ـ بالكسر ـ الموت
(٣) أنتم وما تتمتعون به قيام على سبيل الماضيين ، منتهون إلى نهايته ، وهو الفناء ، وبعد الآثار : طول بقائها بعد ذويها
(٤) راكدة : ساكنة ، وركود الريح : كناية عن إبطال العمل وبطلان الحركة «آثارهم عافية» أى : مندرسة
(٥) النمارق : جمع نمرقة ، تطلق على الوسادة الصغيرة أو على الطنفسة ـ أى : البساط ـ ولعله المراد هنا ، والممهدة : المفروشة ، والصخور : مفعول «استبدلوا»
(٦) لطأ بالأرض ـ كمنع وفرح ـ لصق ، والملحدة : من «ألحد القبر» جعل له لحدا ، أى : شقا فى وسطه أو جانبه