واستأنيت بهما أمام الوقاع ، فغمط النّعمة ، وردّ العافية (١)
١٣٦ ـ ومن خطبة له عليه السّلام
فى ذكر الملاحم
يعطف الهوى على الهدى (٢) إذا عطفوا الهدى على الهوى ، ويعطف الرّأى على القرآن إذا عطفوا القرآن على الرّأى.
منها : حتّى تقوم الحرب بكم على ساق باديا نواجذها (٣) ، مملوءة أخلافها ، حلوا رضاعها ، علقما عاقبتها. ألا وفى غد ـ وسيأتى غد بما
__________________
(١) «استأنيت بهما» من الأناة ، وهى التؤدة فى الأمر والانتظار ، والمعنى تأنيت معهما ولم أعالجهما بالحرب ، أو طلبت منهما أن يتأنيا فيما أقدما عليه من نقض العهد ، وقوله «أمام الوقاع» ـ ككتاب ـ قبل المواقعة بالحرب ، وغمط النعمة : جحدها وحقرها وأزرى بها ، وزانه سمع وضرب ، ويقال إن الكسر أفصح
(٢) «يعطف الخ» : خبر عن قائم ينادى بالقرآن ، ويطالب الناس باتباعه ، ورد كل رأى إليه ، ومعنى قوله «يعطف الهوى» يقهره ويميل به عن جانب الايثار ، فيجعل الهدى ظاهرا على الهوى ، وكذلك قوله «ويعطف الرأى على القرآن» أى : يقهر حكم الرأى والقياس ، ويجعل الغلبة للقرآن عليه ، ويحمل الناس على العمل به دونه
(٣) النواجذ : أقصى الأضراس أو الأنياب ، والأخلاف : جمع خلف ـ بالكسر ـ وهو الضرع ، وبدو النواجذ : كناية عن شدة الاحتدام ، فانما تبدو من الأسد إذا اشتد غضبه ، وامتلاء الأخلاف : غزارة ما فيها من الشر ، وحلاوة الرضاع : استطابة اهل النجدة واستعذابهم لما ينالهم منها ، ومرارة العاقبة بما يصير إليه الظالمون وبئس المصير ، وتقول : رضع رضاعا ، مثل سمع سماعا ، وأهل نجد يقولون : رضع يرضع رضعا ، مثل ضرب يضرب ضربا