١٨٧ ـ ومن خطبة له عليه السّلام
تسمى القاصعة (١)
وهى تتضمن ذم إبليس [لعنه اللّه] على استكباره وتركه السجود لآدم عليه السلام وأنه أول من أظهر العصبية (٢) وتبع الحمية ، وتحذير الناس من سلوك طريقته الحمد للّه الّذى لبس العزّ والكبرياء ، واختارهما لنفسه دون خلقه ، وجعلهما حمى وحرما على غيره (٣) ، واصطفاهما لجلاله ، وجعل اللّعنة على من نازعه فيهما من عباده. ثمّ اختبر بذلك ملائكته المقرّبين ، ليميز المتواضعين منهم من المستكبرين فقال سبحانه وهو العالم بمضمرات القلوب ومحجوبات الغيوب. «إِنِّي خٰالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ فَإِذٰا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سٰاجِدِينَ فَسَجَدَ اَلْمَلاٰئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلاّٰ إِبْلِيسَ»
__________________
(١) من «قصع فلان فلانا» أى : حقره ، لأنه عليه السلام حقر فيها حال المتكبرين ، أو من «قصع الماء عطشه» إذا أزاله ، لأن سامعها لو كان متكبرا ذهب تأثيرها بكبره كما يذهب الماء بالعطش
(٢) العصبية : الاعتزاز بالعصبة ، وهى قوم الرجل الذين يدافعون عنه ، واستعمال قوتهم فى الباطل والفساد ، فهى هنا عصبية الجهل ، كما أن الحمية حمية الجاهلية. أما التناصر فى الحق والحمية عليه فهو أمر محمود فى جميع أحواله. والكبر على الباطل تواضع للحق
(٣) الحمى : ما حميته عن وصول الغير إليه والتصرف فيه. وفى الحديث : «ألا وإن لكل ملك حمى ، وحمى اللّه محارمه» (١١ ـ ن ج ـ ٢)