يستطيعون انتقالا ، ولا فى حسنة يستطيعون ازديادا! أنسوا بالدّنيا فغرّتهم ووثقوا بها فصرعتهم. فسابقوا ـ رحمكم اللّه ـ إلى منازلكم الّتى أمرتم أن تعمروها ، والّتى رغّبتم فيها ، ودعيتم إليها ، واستتمّوا نعم اللّه عليكم بالصّبر على طاعته ، والمجانبة لمعصيته ، فإنّ غدا من اليوم قريب ، ما أسرع السّاعات فى اليوم ، وأسرع الأيّام فى الشّهور ، وأسرع الشّهور فى السّنة ، وأسرع السّنين فى العمر!
١٨٤ ـ ومن كلام له عليه السّلام
فمن الإيمان ما يكون ثابتا مستقرّا فى القلوب ، ومنه ما يكون عوارى بين القلوب والصّدور إلى أجل معلوم (١) فإذا كانت لكم براءة من أحد فقفوه حتّى يحضره الموت (٢) ، فعند ذلك يقع حدّ البراءة. والهجرة قائمة على حدّها الأوّل (٣). ما كان للّه فى أهل الأرض حاجة من مستسرّ الأمّة
__________________
(١) «عوارى ـ الخ» كناية عن كونه زعما بغير فهم
(٢) إذا ارتبتم فى أحد وأردتم البراءة منه فلا تسارعوا لذلك ، وانتظروا به الموت عسى أن تدركه التوبة
(٣) أى : لم يزل حكمها الوجوب على من بلغته دعوة الاسلام ورضى الاسلام دينا ، وهو المراد بمعرفة الحجة الآتى فى الكلام. فلا يجوز لمسلم أن يقيم فى بلاد حرب على المسلمين ، ولا أن يقبل سلطان غير المسلم ، بل تجب عليه الهجرة إلا إذا تعذر عليه ذلك لمرض أو عدم نفقة ، فيكون من المستضعفين المعفو عنهم. وقول النبى ، صلى اللّه عليه وآله وسلم ، «لا هجرة بعد الفتح» محمول على الهجرة من مكة