استصغارا لقدرهم ، وذهابا عن ذكرهم ، فإنّا للّه وإنّا إليه راجعون : ظهر الفساد فلا منكر متغيّر ، ولا زاجر مزدجر! أفبهذا تريدون أن تجاوروا اللّه فى دار قدسه؟ وتكونوا أعزّ أوليائه عنده؟! هيهات! لا يخدع اللّه عن جنّته ولا تنال مرضاته إلاّ بطاعته. لعن اللّه الآمرين بالمعروف التّاركين له ، والنّاهين عن المنكر العاملين به.
١٢٦ ـ ومن كلام له عليه السّلام
لأبى ذر رحمه اللّه لما خرج إلى الربذة (١)
يا أبا ذرّ ، إنّك غضبت للّه فارج من غضبت له. إنّ القوم خافوك على
__________________
(١) الربذة ـ محركة ـ موضع على قرب من المدينة المنورة فيه قبر أبى ذر الغفارى رضى اللّه عنه ، والذى أخرجه إليه الخليفة الثالث رضى اللّه عنه ، قال ابن أبى الحديد : واقعة أبى ذر وإخراجه إلى الربذة أحد الأحداث التى نقمت على عثمان رضى اللّه عنه. وقد روى هذا الكلام أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهرى فى كتاب السقيفة عن عبد الرزاق عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس قال : لما أخرج أبو ذر إلى الربذة أمر عثمان فنودى فى الناس ألا لا يكلم أحد أبا ذر ولا يشيعه ، وأمر مروان بن الحكم أن يخرج به ، فخرج به مروان ، وتحاماه الناس ، إلا على بن أبى طالب وعقيلا أخاه وحسنا وحسينا ولديه وعمارا ، فانهم خرجوا معه يشيعونه ، فجعل الحسن يكلم أبا ذر ، فقال له مروان : إيها يا حسن ، ألا تعلم أن أمير المؤمنين قد نهى عن كلام هذا الرجل ، فان كنت لا تعلم فاعلم ذلك ، فحمل على رضى اللّه عنه على مروان : فضرب بالسوط بين أذنى راحلته ، وقال له : تنح لحاك اللّه إلى النار ، فرجع مروان مغضبا إلى عثمان ، فأخبره الخبر ، فتلظى على على ، ووقف أبو ذر فودعه الناس ، فقال له على : يا أبا ذر ، إنك غضبت للّه ـ الخ «٢ ـ ن ـ ج ـ ٢»