فاهتبلوا هبلها ، واعملوا للجنّة عملها (١) فإنّ الدّنيا لم تخلق لكم دار مقام ، بل خلقت لكم مجازا لتزوّدوا منها الأعمال إلى دار القرار ، فكونوا منها على أوفاز (٢) ، وقرّبوا الظّهور للزّيال.
١٢٩ ـ ومن كلام له عليه السّلام
وانقادت له الدّنيا والآخرة بأزمّتها ، وقذفت إليه السّموات والأرضون مقاليدها (٣) ، وسجدت له بالغدوّ والآصال الأشجار النّاضرة ، وقدحت له من قضبانها النّيران المضيئة (٤) وآتت أكلها بكلماته الثّمار اليانعة منها : وكتاب اللّه بين أظهركم ناطق لا يعيى لسانه ، وبيت لا تهدم أركانه ، وعزّ لا تهزم أعوانه ومنها : أرسله على حين فترة من الرّسل ، وتنازع من الألسن ، فقفّى به الرّسل ، وختم به الوحى ، فجاهد فى اللّه المدبرين عنه ، والعادلين به.
__________________
(١) «اهتبل الصيد» : طلبه. واهتبل كلمة الحكمة : اغتنمها ، والضمير فى «هبلها» للتقوى لا للدنيا ، أى : اغنموا خير التقوى
(٢) الوفز ـ بسكون الفاء ، ويحرك ـ : العجلة ، وجمعه أوفاز ، أى : كونوا منها على استعجال ، والظهور : ظهور المطايا ، أى : أحضروها للزيال ، أى : فراق الدنيا
(٣) مقاليدها : جمع مقلاد ، وهو المفتاح
(٤) أى : إن الأشجار أشعلت النيران المضيئة من قضبانها ـ أى : أغصانها ـ وقوله «بكلماته» أى : بأوامره التكوينية ، والضمائر للّه سبحانه