٢١٤ ـ ومن كلام له عليه السّلام
لما مر بطلحة وعبد الرحمن بن عتاب بن أسيد وهما قتيلان يوم الجمل لقد أصبح أبو محمّد بهذا المكان غريبا! أما واللّه لقد كنت أكره أن تكون قريش قتلى تحت بطون الكواكب ، أدركت وترى من بنى عبد مناف (١) وأفلتنى أعيان بنى جمح ، لقد أتلعوا أعناقهم إلى أمر لم يكونوا أهله (٢) فوقصوا دونه
٢١٥ ـ ومن كلام له عليه السّلام
قد أحيا عقله (٣) وأمات نفسه ، حتّى دقّ جليله ، ولطف غليظه ، وبرق له
__________________
(١) الوتر : الثأر ، وهو بفتح الواو فى لغة أهل العالية ، وبكسرها فى لغة نجد وتميم. وطلحة كان من بنى عبد مناف كالزبير ، وقاتله مروان بن الحكم وهما فى عسكر واحد فى حرب الجمل : رماه بسهم على غرة انتقاما لعثمان رضى اللّه عنه. وأفلته الشىء : خلص منه فجأة ، وجمح : قبيلة عربية كان من أعيانها ـ أى : عظمائها ـ جماعة مع أم المؤمنين فى واقعة الجمل ، ولم يصبهم ما أصاب غيرهم ، ومن هذه القبيلة صفوان ابن أمية بن خلف ، واسمه عبد اللّه ، وعبد الرحمن بن صفوان ، ويروى «وأفلتنى أعيار بنى جمح» جمع عير ـ بفتح فسكون ـ وهو الحمار أو الوحشى خاصة
(٢) «أتلعوا» أى : رفعوا أعناقهم ومدوها لتناول أمر ، وهو مناوأة أمير المؤمنين على الخلافة ، فوقصوا ، أى : كسرت أعناقهم ، دون الوصول إليه ، وتقول : قد وقصت الناقة براكبها ـ من باب وعد ـ إذا رمت به فدقت عنقه ، فالعنق موقوصة
(٣) حكاية عن صاحب التقوى. وإحياء العقل بالعلم والفكر والنفوذ فى الأسرار الالهية ، وإماتة النفس بكفها عن شهواتها ، والجليل العظيم ، و «دق» أى : صغر حتى خفى أو كاد. وبروق اللامع من نور المقام الآلهى يوضح طريق السعادة فلا يزال