وآله وسلم من بدء خروجى إلى أن انتهيت إلى هذا الموضع ، فكنى عن ذلك بهذه الكناية العجيبة
٢٣٢ ـ ومن خطبة له عليه السّلام
فاعلموا وأنتم فى نفس البقاء (١) ، والصّحف منشورة ، والتّوبة مبسوطة ، والمدبر يدعى ، والمسىء يرجى ، قبل أن يخمد العمل ، وينقطع المهل ، وينقضى الأجل ، ويسدّ باب التّوبة ، وتصعد الملائكة (٢)
فأخذ امرؤ من نفسه لنفسه (٣) ، وأخذ من حىّ لميّت ، ومن فان لباق ، ومن ذاهب لدائم ، امرؤ خاف اللّه (٤) وهو معمّر إلى أجله ، ومنظور إلى
__________________
(١) نفس ـ بالتحريك ـ أى : سعة البقاء ، وصحف الأعمال منشورة لكتابة الصالحات والسيئات ، وبسط التوبة : قبولها ، و «المدبر» أى : المعرض عن الطاعة يدعى إليها ، والمسىء : يرجى إحسانه ورجوعه عن إساءته ، وخمود العمل : انقطاعه بحلول الموت
(٢) صعود الملائكة لعرض أعمال العبد إذا انتهى أجله ليس بعده توبة
(٣) «أخذ» أمر بصيغة الماضى ، أى : فليأخذ ، أو هو على حقيقته مرتب على قوله فاعملوا ، أى : لو عملتم لأخذ امرؤ ، وأخذه من نفسه تعاطى الأعمال الجليلة لنفسه ، أى : لتسعد بها نفسه ، والحى والميت : هو المرء نفسه ، ولكنه فى حياته قادر على العمل ، فاذا مات فليس له إلا ما أخذه من حياته ، و «من فان» أى : حياة فانية وهى الدنيا «لباق» وهو الآخرة ، وهكذا الذاهب والدائم
(٤) «امرؤ خاف ـ الخ» أى : الناجى هو امرؤ خاف اللّه. فأدى الواجب عليه له وللناس وهو فى مهلة الحياة تمتد به إلى أجله ، و «منظور» أى : ممهل من اللّه لا يأخذه بالعقاب إلى أن يعمل : فيعفو عن تقصيره ، ويثيبه على عمله «١٧ ـ ن ـ ج ـ ٢»