ساكنها ظاعن ، وقاطنها بائن (١) ، تميد بأهلها ميدان السّفينة تقصفها العواصف فى لجج البحار (٢) ، فمنهم الغرق الوبق (٣) ، ومنهم النّاجى على بطون الأمواج ، تحفزه الرّياح بأذيالها ، وتحمله على أهوالها ، فما غرق منها فليس بمستدرك ، وما نجا منها فإلى مهلك!! عباد اللّه ، الآن فاعملوا ، والألسن مطلقة ، والأبدان صحيحة ، والأعضاء لدنة (٤) ، والمنقلب فسيح ، والمجال عريض ، قبل إرهاق الفوت (٥) ، وحلول الموت ، فحقّقوا عليكم نزوله ، ولا تنتظروا قدومه!
١٩٢ ـ ومن كلام له عليه السّلام
ولقد علم المستحفظون من أصحاب محمّد ، صلّى اللّه عليه وآله وسلم (٦) ، أنّى
__________________
(١) بائن : مبتعد منفصل
(٢) تميد : تضطرب اضطراب السفينة ، تقصفها ـ أى : تكسرها ـ الرياح الشديدة
(٣) الوبق ـ بكسر الباء ـ : الهالك ، أى : منهم من هلك عند تكسر السفينة ، ومنهم من بقيت فيه الحياة فخلص محمولا على بطون الأمواج ، كأن الأمواج فى انتفاخها كالحيوان المنقلب على ظهره وبطنه أعلى ، و «تحفزه» أى : تدفعه ، ومصير هذا الناجى أيضا إلى الهلاك بعد طول العناء
(٤) اللدن ـ بالفتح ـ اللين ، أى : والأعضاء فى لين الحياة يمكن استعمالها فى العمل ، والمنقلب ـ بفتح اللام ـ مكان الانقلاب من الضلال إلى الهدى فى هذه الحياة
(٥) أرهقه الشىء ، أعجله فلم يتمكن من فعله ، والفوت : ذهاب الفرصة بحلول الأجل
(٦) المستحفظون ـ بفتح الفاء ـ اسم مفعول ، أى : الذين أودعهم النبى صلّى اللّه عليه وسلم أمانة سره وطالبهم بحفظها ، و «لم يردد على اللّه ورسوله» : لم يعارضهما فى أحكامهما