فقال له قائل : فما بالك يا أمير المؤمنين (١) فقال : ويحك! إنّ لكلّ أجل وقتا لا يعدوه ، وسببا لا يتجاوزه ، فمهلا لا تعد لمثلها ، فإنّما نفث الشّيطان على لسانك!!
١٨٩ ـ ومن خطبة له عليه السّلام
يصف فيها المنافقين
نحمده على ما وفّق له من الطّاعة ، وذاد عنه من المعصية (٢) ، ونسأله لمنّته تماما ، وبحبله اعتصاما ، ونشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله : خاض إلى رضوان اللّه كلّ غمرة (٣) ، وتجرّع فيه كلّ غصّة ، وقد تلوّن له الأدنون (٤) ، وتألّب عليه الأقصون ، وخلعت إليه العرب أعنّتها وضربت لمحاربته بطون رواحلها حتّى أنزلت بساحته عدوانها : من أبعد الدّار ، وأسحق المزار (٥)
__________________
(١) فما بالك لا تموت مع انطواء سرك على هذه المواعظ البالغة؟ وهذا سؤال الوقح البارد
(٢) ذاد عنه : حمى عنه
(٣) الغمرة : الشدة
(٤) «تلون» أى : تقلب له الأدنون ـ أى : الأقربون ـ فلم يثبتوا معه ، و «تألب» أى : اجتمع على عداوته الأقصون ـ أى : الأبعدون ـ وخلعت العرب أعنتها : جمع عنان ، وهو حبل اللجام ، أى : خرجت عن طاعته فلم تنقد له بزمام. والمراد أنها خلعت الأعنة سرعة إلى حربه ، فان ما لا يمسكه عنان يكون أسرع جريا ، والرواحل : جمع راحلة ، وهى الناقة ، أى : ساقوا ركائبهم إسراعا لمحاربته
(٥) أسحق : أقصى