حاضرا معروفه ، مقبلا خيره ، مدبرا شرّه ، فى الزّلازل وقور (١) ، وفى المكاره صبور ، وفى الرّخاء شكور ، لا يحيف على من يبغض ، ولا يأثم فيمن يحبّ (٢) يعترف بالحقّ قبل أن يشهد عليه ، لا يضيع ما استحفظ ، ولا ينسى ما ذكّر ، ولا ينابز بالألقاب (٣) ، ولا يضارّ بالجار ، ولا يشمت بالمصائب ، ولا يدخل فى الباطل ، ولا يخرج من الحقّ. إن صمت لم يغمّه صمته ، وإن ضحك لم يعل صوته ، وإن بغى عليه صبر حتّى يكون اللّه هو الّذى ينتقم له. نفسه منه فى عناء ، والنّاس منه فى راحة. أتعب نفسه لآخرته ، وأراح النّاس من نفسه. بعده عمّن تباعد عنه زهد ونزاهة ، ودنوّه ممّن دنا منه لين ورحمة. ليس تباعده بكبر وعظمة ، ولا دنوّه بمكر وخدعة قال : فصعق همام صعقة كانت نفسه فيها (٤) ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام :
أما واللّه لقد كنت أخافها عليه! ثمّ قال : أهكذا تصنع المواعظ البالغة بأهلها؟
__________________
(١) «فى الزلازل» أى : الشدائد المرعدة ، والوقور : الذى لا يضطرب
(٢) «لا يأثم ـ الخ» أى : لا تحمله المحبة على أن يرتكب إثما لارضاء حبيبه
(٣) أى : لا يدعو غيره باللقب الذى يكرهه ويشمئز منه
(٤) صعق : غشى عليه