١٧٦ ـ ومن كلام له عليه السّلام
وقد أرسل رجلا من أصحابه يعلم له علم أحوال قوم من جند الكوفة قد هموا باللحاق بالخوارج ، وكانوا على خوف منه عليه السلام ، فلما عاد إليه الرجل قال له : أمنوا فقطنوا أم جبنوا فظعنوا (١)؟؟ فقال الرجل : بل ظعنوا يا أمير المؤمنين. فقال :
بعدا لهم كما بعدت ثمود ، أما لو أشرعت الأسنّة إليهم (٢) ، وصبّت السّيوف على هاماتهم! لقد ندموا على ما كان منهم ، إنّ الشّيطان اليوم قد استفلّهم (٣) وهو غدا متبرّئ منهم ، ومتخلّ عنهم ، فحسبهم بخروجهم من الهدى (٤) ، وارتكاسهم فى الضّلال والعمى ، وصدّهم (٥) عن الحقّ ، وجماحهم فى التّيه.
__________________
عمرو بن العاص (وانظر ص ١٤٥ من الجزء الأول)
(١) أمنوا : اطمأنوا. وقطنوا : أقاموا ، وبابه نصر ، وظعنوا : رحلوا.
(٢) أشرعت : سددت وصوبت نحوهم ، وقوله «صبت السيوف الخ» استعارة من «صببت الماء» شبه وقع السيوف وسرعة اعتوارها الرءوس بصب الماء ، والهامات : الرءوس
(٣) استفلهم : دعاهم للتفلل : وهو الانهزام عن الجماعة.
(٤) حسبهم : كافيهم من الشر خروجهم الخ والباء زائدة ، وإن جعل «حسب» اسم فعل بمعنى اكتف كانت الباء فى موضعها ، أى : فليكتفوا من الشر والخطيئة بذلك فهو كفيل لهم بكل شقاء ، والارتكاس : الانقلاب والانتكاس
(٥) صدهم : إعراضهم ، والجماح والجموح : أن يغلب الفرس راكبه ، والمراد تناهيهم فى التيه ، أى : الضلال