لزم بيته وأكل قوته ، واشتغل بطاعة ربّه ، وبكى على خطيئته (١) فكان من نفسه فى شغل ، والنّاس منه فى راحة!
١٧٢ ـ ومن كلام له عليه السّلام
فى معنى الحكمين
فأجمع رأى ملئكم على أن اختاروا رجلين ، فأخذنا عليهما أن يجعجعا عند القرآن (٢) ولا يجاوزاه ، وتكون ألسنتهما معه ، وقلوبهما تبعه ، فتاها عنه ، وتركا الحقّ وهما يبصرانه ، وكان الجور هواهما ، والاعوجاج رأيهما ، وقد سبق استثناؤنا عليهما فى الحكم بالعدل والعمل بالحقّ سوء رأيهما (٣) ، وجور حكمهما! والثّقة فى أيدينا لأنفسنا (٤) حين خالفا سبيل الحقّ ، وأتيا بما
__________________
(١) قوله «لمن لزم بيته» : ترغيب فى العزلة عن إثارة الفتن واجتناب الفساد ، وليس ترغيبا فى الكسالة وترك العامة وشأنهم ، فقد حث أمير المؤمنين ـ فى غير هذا الموضع ـ على مقاومة المفاسد والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر
(٢) الملأ : الجماعة. و «يجعجعا» : من «جعجع البعير» إذا برك ولزم الجعجاع ـ أى : الأرض ـ أى : أن يقيما عند القرآن. والتبع ـ محركا ـ : التابع ، للواحد والجمع. و «تاها» أى : ضلا.
(٣) «سوء» مفعول «سبق» ، أى. إن استثناءنا ، وقت التحكيم ، حيث قلنا : لا تحكموا إلا بالعدل ، كان سابقا على سوء الرأى وجور الحكم ، فهما المخالفان لما شرط عليهما لا نحن. ويصح أن يكون «سوء» مفعول استثناؤنا ، والمعنى أننا استثنينا عليهم فيما سبق أن لا يسيئا رأيا ولا يجورا حكما ، فيقبل حكمهما إلا أن يجورا ويسيئا
(٤) عبر بالثقة عن الحجة القويمة والسبب المتين فى رفض حكمهما