إلى قدر معلوم ، وأجل مقسوم ، تمور فى بطن أمّك جنينا : لا تحير دعاء ، ولا تسمع نداء ، ثمّ أخرجت من مقرّك إلى دار لم تشهدها ، ولم تعرف سبل منافعها ، فمن هداك لاجترار الغذاء من ثدى أمّك؟ وعرّفك عند الحاجة مواضع طلبك وإرادتك؟ هيهات! إنّ من يعجز عن صفات ذى الهيئة والأدوات فهو عن صفات خالقه أعجز ، ومن تناوله بحدود المخلوقين أبعد.
١٥٩ ـ ومن كلام له عليه السّلام
لما اجتمع الناس عليه وشكوا مما نقموه (١) على عثمان ، وسالوه
مخاطبته عنهم واستعتابه لهم ، فدخل عليه فقال : ـ
إنّ النّاس ورائى ، وقد استسفرونى بينك وبينهم (٢) وو اللّه ما أدرى ما أقول لك؟! ما أعرف شيئا تجهله ، ولا أدلّك على شىء لا تعرفه. إنّك لتعلم ما نعلم ، ما سبقناك إلى شىء فنخبرك عنه ، ولا خلونا بشىء فنبلغكه ، وقد رأيت كما رأينا ، وسمعت كما سمعنا ، وصحبت رسول اللّه كما صحبنا ، وما ابن أبى قحافة ولا
__________________
مبلغ المدة المحددة للحمل و «تمور» تتحرك و «لا تحير» من قولهم «ما أحار جوابا» أى : مارد ، أى : لا تسطيع دعاء
(١) نقم عليه فهو ناقم ، أى : عتب عليه. ونقم الأمر : كرهه ، وبابهما ضرب. وقال الكسائى : نقم من باب فهم لغة فيهما. وهذه اللفظة تجىء متعدية ولازمة كما رأيت. والاستعتاب : طلب العتبى ، وهى الرضا
(٢) استسفرونى : جعلونى سفيرا ووسيطا بينك وبينهم