ولا يجرى عليه نهار ، ليس إدراكه بالأبصار ، ولا علمه بالإخبار
ومنها فى ذكر النبى صلّى اللّه عليه وآله وسلم :
أرسله بالضّياء ، وقدّمه فى الاصطفاء ، فرتق به المفاتق (١) وساور به المغالب وذلّل به الصّعوبة ، وسهّل به الحزونة ، حتّى سرّح الضّلال عن يمين وشمال
٢٠٩ ـ ومن خطبة له عليه السّلام
وأشهد أنّه عدل عدل ، وحكم فصل ، وأشهد أنّ محمّدا عبده [ورسوله] وسيّد عباده كلّما نسخ اللّه الخلق فرقتين (٢) جعله فى خيرهما ، لم يسهم فيه عاهر (٣) ولا ضرب فيه فاجر
ألا وإنّ اللّه قد جعل للخير أهلا ، وللحقّ دعائم ، وللطّاعة عصما (٤) وإنّ
__________________
(١) الرتق : سد الفتق ، والمفاتق : مواضع الفتق ، وهى ما كان بين الناس من فساد وفى مصالحهم من اختلال. و «ساور به المغالب» أى : واثب بالنبى صلّى اللّه عليه وآله وسلم كل من يغالب الحق. والحزونة : غلظ فى الأرض ، والمراد سهل به خشونة الأخلاق الرديئة والعقائد الفاسدة بتهذيب الطباع وتنوير العقول حتى سرح به الضلال ، أى : أبعده ، عن يمين السالكين وهو : نهج الاعتدال ، وشمالهم ، وكأنه يريد جانبى الافراط والتفريط ، والابعاد : تجنبهما. ولزوم العدل : الوسط.
(٢) نسخ الخلق : نقلهم بالتناسل عن أصولهم فجعلهم بعد الوحدة فى الأصول فرقا.
(٣) أى : لم يكن لعاهر سهم فى أصوله ، والعاهر : من يأتى غير حله كالفاجر. وضرب فى الشىء : صار له نصيب منه
(٤) العصم ـ بكسر ففتح ـ جمع عصمة ، وهى ما يعتصم به ، وعصم الطاعات : الاخلاص للّه وحده