١٤١ ـ ومن خطبة له عليه السّلام
فى الاستسقاء
ألا وإنّ الأرض الّتى تحملكم ، والسّماء الّتى تظلّكم ، (١) مطيعتان لربّكم ، وما أصبحتا تجودان لكم ببركتهما توجّعا لكم ، ولا زلفة إليكم ، (٢) ولا لخير ترجوانه منكم ، ولكن أمرتا بمنافعكم فأطاعتا ، وأقيمتا على حدود مصالحكم فأقامتا.
إنّ اللّه يبتلى عباده ـ عند الأعمال السّيّئة ـ بنقص الثّمرات ، وحبس البركات وإغلاق خزائن الخيرات ، ليتوب تائب ، ويقلع مقلع ، (٣) ويتذكّر متذكّر ، ويزدجر مزدجر! وقد جعل اللّه الاستغفار سببا لدرور الرّزق ورحمة الخلق ، فقال : «اِسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كٰانَ غَفّٰاراً يُرْسِلِ اَلسَّمٰاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرٰاراً وَيُمْدِدْكُمْ»
__________________
(١) تظلكم : تعلو عليكم كأنها الظلة ، وتقول : أظلتنى الشجرة ، واستظللت بها
(٢) الزلفة : القربة ، يقول : إن السماء والأرض إذا جاءتا بمنافعكم بالمطر والنبات فانهما لم تأتيا بذلك تقربا إليكم ولا رحمة لكم ، ولكنهما أمرتا بنفعكم فامتثلتا الأمر ، لأنه أمر من تجب طاعته ، ولو أمرتا بغير ذلك لفعلتاه ، والمراد بهذا الكلام تمهيد قاعدة الاستسقاء ، كأنه يقول : إذا كانت السماء والأرض أيام الخصب والمطر والنبات لم يكن ما كان منهما عن محبة لكم أو رجاء منفعة منكم بل طاعة لأمر الصانع الحكيم فيما سخرهما له ، فكذلك هما فى أيام الجدب : ليس ما كان منهما من احتباس القطر وانقطاع النبات ناشئا عن بغضكم بل هو أيضا طاعة الصانع الحكيم فيما سخرهما له
(٣) «أقلع عن الذنب» كف عنه ، وأمسك ، وتركه