على وجهه ، فجاء به على سمعه : لم يزد فيه ولم ينقص منه ، فحفظ النّاسخ فعمل به ، وحفظ المنسوخ فجنّب عنه (١) وعرف الخاصّ والعامّ ، فوضع كلّ شىء موضعه ، وعرف المتشابه ومحكمه (٢) وقد كان يكون من رسول اللّه ، صلّى اللّه عليه وآله ، الكلام له وجهان :
فكلام خاصّ ، وكلام عامّ ، فيسمعه من لا يعرف ما عنى اللّه [سبحانه] به ، ولا ما عنى رسول اللّه ، صلى اللّه عليه وآله وسلم ، فيحمله السّامع ، ويوجّهه على غير معرفة بمعناه ، وما قصد به ، وما خرج من أجله ، وليس كلّ أصحاب رسول اللّه ، صلى اللّه عليه وسلم ، من كان يسأله ويستفهمه ، حتّى إن كانوا ليحبّون أن يجىء الأعرابىّ والطّارىء فيسأله عليه السّلام حتّى يسمعوا ، وكان لا يمرّ بى من ذلك شىء إلاّ سألت عنه وحفظته ، فهذه وجوه ما عليه النّاس فى اختلافهم ، وعللهم فى رواياتهم.
٢٠٦ ـ ومن خطبة له عليه السّلام
وكان من اقتدار جبروته ، وبديع لطائف صنعته ، أن جعل من ماء البحر
__________________
(١) جنب تجنبا ، أى : تجنب
(٢) أى : عرف المتشابه من الكلام ، وهو ما لا يعلمه إلا اللّه والراسخون فى العلم. و «محكم الكلام» أى : صريحه الذى لم ينسخ.