الزّاخر المتراكم المتقاصف يبسا جامدا (١) ، ثمّ فطر منه أطباقا (٢) ففتقها سبع سموات بعد ارتتاقها ، فاستمسكت بأمره ، وقامت على حدّه ، وأرسى أرضا يحملها الأخضر المثعنجر ، والقمقام المسخّر (٣) ، قد ذلّ لأمره ، وأذعن لهيبته ، ووقف الجارى منه لخشيته ، وجبل جلاميدها (٤) ، ونشوز متونها وأطوادها ، فأرساها فى مراسيها ، وألزمها قرارتها. فمضت رءوسها فى الهواء ،
__________________
(١) زخر البحر ـ كمنع ـ وزخورا ، وتزخر : طمى وامتلأ. والمتقاصف : المتزاحم ، كأن أمواجه فى تزاحمها يقصف بعضها بعضا ، أى : يكثره ، واليبس ـ بالتحريك ـ : اليابس
(٢) «فطر منه» أى : من اليبس ، والأطباق : طبقات مختلفه فى تركيبها إلا أنها كانت رتقا : يتصل بعضها ببعض ففتقها سبعا ، وهى السموات ، وقف كل منها حيث مكنه اللّه على حسب ما أودع فيه من السر الحافظ له ، فاستمسكت بأمر اللّه التكوينى وقامت على حده ، أى : حد الأمر الالهى ، وليس المراد من البحر هذا الذى نعرفه ، ولكن مادة الأجرام قبل تكاثفها ، فانما كانت مائرة مائجة أشبه بالبحر بل هى البحر الأعظم
(٣) المراد من الأخضر الحامل للأرض : هو البحر ، والمثعنجر ـ بفتح الجيم ـ : معظم البحر وأكثر مواضعه ماء ، وبكسر الجيم : هو السائل مطلقا من ماء أو دمع والقمقام ـ بفتح القاف وتضم ـ : البحر أيضا ، وهو مسخر بقدرة اللّه تعالى. وحمله للأرض : إحاطته بها كأنها قارة فيه
(٤) جبل : خلق ، والجلاميد : الصخور الصلبة. والنشوز : جمع نشز ـ بسكون الشين وفتحها وفتح النون ـ : ما ارتفع من الأرض. والمتون : جمع متن ، وهو ما صلب منها وارتفع ، والأطواد : عطف على المتون ، وهى عظام الناتئات ، وقرارتها : ما استقرت فيه كمراسيها : ما رست ـ أى : رسخت ـ فيه