ينبوعه (١). وجدحوا بينى وبينهم شربا وبيئا (٢). فإن ترتفع عنّا وعنهم محن البلوى أحملهم من الحقّ على محضه (٣) وإن تكن الأخرى (٤) «فَلاٰ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرٰاتٍ إِنَّ اَللّٰهَ عَلِيمٌ بِمٰا يَصْنَعُونَ»
١٥٨ ـ ومن خطبة له عليه السّلام
الحمد للّه خالق العباد ، وساطح المهاد (٥) ومسيل الوهاد ، ومخصب النّجاد ليس لأوّليّته ابتداء ، ولا لأزليّته انقضاء ، هو الأوّل لم يزل ، والباقى بلا أجل خرّت له الجباه ، ووحّدته الشّفاه ، حدّ الأشياء عند خلقه لها إبانة له من شبهها (٦) لا تقدّره الأوهام بالحدود والحركات ، ولا بالجوارح والأدوات
__________________
(١) الفوار والفوارة من الينبوع : الثقب الذى يفور الماء منه بشدة
(٢) جدحوا : خلطوا ومزجوا ، والشرب ـ بالكسر ـ : النصيب من الماء ، والوبىء : ما يوجب شربه الوباء ، يريد به الفتنة التى يردونها نزاعا له فى حقه ، كأنها ماء خلط بالمواد السامة القاتلة
(٣) محض الحق : خالصه
(٤) وإن لا يزالوا مفتونين فلا تمت نفسك غما عليهم
(٥) المهاد : الأرض ، والوهاد : جمع وهدة ، وهى ما انخفض من الأرض ، والنجاد : جمع نجد ، وهو ما ارتفع منها ، وتسييل الوهاد بمياه الأمطار ، وتخصيب النجاد بأنواع النبات
(٦) الأبانة ههنا : التمييز والفصل ، والضمير فى «له» له سبحانه أى : تمييزا لذاته تعالى عن شبهها ، أى : مشابهتها ، و «إبانة» : مفعول لأجله يتعلق بحد ، أى : حد الأشياء تنزيها لذاته عن مماثلتها «٦ ـ ن ـ ج ـ ٢»