١٩٨ ـ ومن كلام له عليه السّلام
أيّها النّاس ، إنّما الدّنيا دار مجاز (١) ، والآخرة دار قرار ، فخذوا من ممرّكم لمقرّكم ، ولا تهتكوا أستاركم عند من يعلم أسراركم ، وأخرجوا من الدّنيا قلوبكم من قبل أن تخرج منها أبدانكم ، ففيها اختبرتم ، ولغيرها خلقتم ، إنّ المرء إذا هلك قال النّاس : ما ترك؟ وقالت الملائكة : ما قدّم؟ للّه آباؤكم! فقدّموا بعضا يكن لكم ، ولا تخلّفوا كلاّ فيكون عليكم
١٩٩ ـ ومن كلام له عليه السّلام
كان كثيرا [ما] ينادى به أصحابه
تجهّزوا ، رحمكم اللّه ، فقد نودى فيكم بالرّحيل ، وأقلّوا العرجة على الدّنيا (٢) وانقلبوا بصالح ما بحضرتكم من الزّاد ، فإنّ أمامكم عقبة كؤودا ، ومنازل مخوفة مهولة ، لا بدّ من الورود عليها ، والوقوف عندها. واعلموا أنّ ملاحظ المنيّة نحوكم دانية (٣) ، وكأنّكم بمخالبها وقد نشبت فيكم ، وقد دهمتكم
__________________
(١) أى : ممر إلى الآخرة
(٢) العرجة ـ بالضم ـ : اسم من التعريج ، بمعنى حبس المطية على المنزل ، أى : اجعلوا ركونكم إليها قليلا. والكؤود : الصعبة المرتقى
(٣) ملاحظ المنية : منبعث نظرها ، ودانية : قريبة ، ويروى «دائبة» أى : جادة ، وبابه قطع ، ونشبت : علقت بكم «١٤ ـ ن ـ ج ـ ٢»