باطنهم] وصمتهم عن حكم منطقهم : لا يخالفون الحقّ ، ولا يختلفون فيه ، هم دعائم الإسلام ، وولائج الاعتصام (١) ، بهم عاد الحقّ فى نصابه (٢) ، وانزاح الباطل عن مقامه ، وانقطع لسانه عن منبته ، عقلوا الدّين عقل وعاية ورعاية (٣) لا عقل سماع ورواية ، فإنّ رواة العلم كثير ، ورعاته قليل
٢٣٥ ـ ومن كلام له عليه السّلام
قاله لعبد اللّه بن عباس ، وقد جاءه برسالة من عثمان وهو محصور يسأله فيها الخروج إلى ماله بينبع ليقل هتف الناس باسمه للخلافة (٤) بعد أن كان سأله مثل ذلك من قبل ، فقال عليه السلام :
__________________
(١) ولائج : جمع وليجة ، وهى ما يدخل فيه السائر اعتصاما من مطر أو برد ، أو توقيا من مفترس
(٢) نصاب الحق : أصله ، والأصل فى معنى النصاب : مقبض السكين ، فكأن الحق نصل ينفصل عن مقبضه ويعود إليه ، وانزاح : زال ، وانقطاع لسان الباطل عن منبته ـ بكسر الباء ، وقياسه الفتح ، وورد به أيضا ـ أى : عن أصله ، مجاز عن بطلان حجته ، وانخذاله عند هجوم جيش الحق عليه
(٣) عقل الوعاية : حفظ فى فهم ، والرعاية : ملاحظة أحكام الدين وتطبيق الأعمال عليها ، وهذا هو العلم بالدين حقيقة ، أما السماع والرواية مجردين عن الفهم والرعاية فمنزلتهما لا تخالف منزلة الجهل إلا فى الاسم.
(٤) كان الناس يهتفون باسم أمير المؤمنين للخلافة ، أى : ينادون به وعثمان رضى اللّه عنه محصور ، فأرسل إليه عثمان يأمره أن يخرج إلى ينبع ـ وكان فيها رزق لأمير المؤمنين ـ فخرج ، ثم استدعاه لينصره فحضر ، ثم عاود الأمر بالخروج مرة ثانية