لامع كثير البرق ، فأبان له الطّريق ، وسلك به السّبيل ، وتدافعته الأبواب إلى باب السّلامة ، ودار الإقامة ، وثبتت رجلاه بطمأنينة بدنه فى قرار الأمن والرّاحة : بما استعمل قلبه ، وأرضى ربّه
٢١٦ ـ ومن كلام له عليه السّلام
[قاله] بعد تلاوته : «أَلْهٰاكُمُ اَلتَّكٰاثُرُ حَتّٰى زُرْتُمُ اَلْمَقٰابِرَ» (١)
يا له مراما ما أبعده (٢) وزورا ما أغفله ، وخطرا ما أفظعه ، لقد استخلوا منهم أىّ مدّكر (٣) وتناوشوهم من مكان بعيد!! أ [ف] بمصارع آبائهم يفخرون أم بعديد الهلكى يتكاثرون؟! يرتجعون منهم أجسادا خوت (٤) وحركات
__________________
السالك يتنقل من مقام عرفان وفضل إلى مقام آخر من مقامات الكمال ، وهذا هو التدافع من باب إلى باب حتى يصل إلى أعلى ما يمكن له ، وهناك سعادته ومقر نعيمه الأبدى.
(١) ألهاه عن الشىء : صرفه عنه باللهو ، أى : صرفكم عن اللّه اللهو بمكاثرة بعضكم لبعض وتعديد كل منكم مزايا أسلافه حتى بعد زيارتكم المقابر.
(٢) المرام : الطلب ، بمعنى المطلوب ، والزور ـ بالفتح ـ : الزائرون ، وهم يرومون نيل الشرف بمن تقدمهم ، وتلك غفلة ، فانما ينالون الشرف مما يكون من موجباته فى ذواتهم ، فما أبعد ما يرومون بغفلتهم
(٣) «استخلوهم» أى : وجدوهم خالين ، والمدكر : الادكار ، بمعنى الاعتبار ، أى : خلوا أسلافهم من الاعتبار ، ثم قلب المعنى فى عبارة الامام ، فكان أخلوا الأدكار من آبائهم ، مبالغة فى تقريعهم حيث أخلوهم منه وهو محيط بهم ، و «أى» صفة محذوف تقديره مدكرا ، وتناوشوهم : تناولوهم بالمفاخرة من مكان بعيد عنها
(٤) خوت : سقط بناؤها وخلت من أرواحها