لا يعرف من معكوس الحكم
١٧٣ ـ ومن خطبة له عليه السّلام
لا يشغله شأن ، ولا يغيّره زمان ، ولا يحويه مكان (١) ، ولا يصفه لسان لا يعزب عنه عدد قطر الماء (٢) ولا نجوم السّماء ، ولا سوافى الرّيح فى الهواء ، ولا دبيب النّمل على الصّفا ، ولا مقيل الذّرّ فى اللّيلة الظّلماء. يعلم مساقط الأوراق ، وخفىّ طرف الأحداق (٣) وأشهد أن لا إله إلاّ اللّه غير معدول به (٤) ولا مشكوك فيه ، ولا مكفور دينه ، ولا مجحود تكوينه (٥) شهادة من صدقت نيّته ، وصفت دخلته (٦) ، وخلص يقينه ، وثقلت موازينه
__________________
(١) شأن : أمر ، ولا يشغله أمر لأن الحى الذى تشغله الأشياء هو العالم ببعض الأشياء دون بعض القادر على بعضها دون بعض ، فأما من لا يغيب عنه شىء أصلا ، ولا يعجز عن شىء أصلا ، ولا يمنعه من إيجاد مقدوره إذا أراد مانع أصلا ، فكيف يشغله شأن؟ وكذلك «لا يغيره زمان» لأنه واجب الوجود ، و «لا يحويه مكان» لأنه ليس بجسم ، و «لا يصفه لسان» لأن كنه ذاته غير معلوم ، وإنما المعلوم إضافات أو سلوب
(٢) لا يعزب : لا يخفى عليه ، ولا يفوته علمها ، وسوافى الريح : جمع سافية ، من «سفت الريح التراب والورق» أى : حملته وذرته ، والصفا ـ مقصورا ـ : جمع صفاة ، وهى الحجر الأملس الضخم ، و «دبيب النمل» أى : حركته عليه فى غاية الخفاء لا يسمع لها حس ، والذر : صغار النمل ، ومقيلها : محل استراحتها ومبيتها
(٣) طرف الحدقة : تحريك جفنيها ، والحدقة هنا : العين
(٤) «عدل باللّه» : جعل له مثلا وعديلا
(٥) خلقه للخلق جميعا
(٦) دخلته ـ بالكسر باطنه ـ :