وإنّهم لعلى مزلّة الباطل (١) ، أقول ما تسمعون ، وأستغفر اللّه لى ولكم.
١٩٣ ـ ومن خطبة له عليه السّلام
يعلم عجيج الوحوش فى الفلوات ، ومعاصى العباد فى الخلوات ، واختلاف النّينان فى البحار الغامرات (٢) ، وتلاطم الماء بالرّياح العاصفات. وأشهد أنّ محمّدا نجيب اللّه (٣) ، وسفير وحيه ، ورسول رحمته.
أمّا بعد ، فأوصيكم بتقوى اللّه الّذى ابتدأ خلقكم ، وإليه يكون معادكم ، وبه نجاح طلبتكم ، وإليه منتهى رغبتكم ، ونحوه قصد سبيلكم ، وإليه مرامى مفزعكم (٤) ، فانّ تقوى اللّه دواء داء قلوبكم ، وبصر عمى أفئدتكم ، وشفاء مرض أجسادكم ، وصلاح فساد صدوركم ، وطهور دنس أنفسكم ، وجلاء غشاء أبصاركم ، وأمن فزع جأشكم (٥) ، وضياء سواد ظلمتكم ، فاجعلوا طاعة
__________________
(١) المزلة : مكان الزلل الموجب للسقوط فى الهلكة ، وتقول : زل فى طين أو منطق يزل ـ بكسر الزاى فى المضارع ـ زليلا ، وقال الفراء : زل يزل ـ بالفتح ـ زللا ، والاسم الزلة ـ بالفتح واستزله غيره وأزله
(٢) النينان : جمع نون ، وهو الحوت ، وفى التنزيل : (وذا النون إذ نادى ربه فى الظلمات) وفسر بعضهم به قوله تعالى : «ن وَاَلْقَلَمِ وَمٰا يَسْطُرُونَ» وهو بعيد
(٣) النجيب : المختار المصطفى
(٤) مرمى الفزع : ما يدفع إليه الخوف ، وهو الملجأ ، أى : وإليه ملاجىء خوفكم
(٥) الجأش : ما يضطرب فى القلب عند الفزع أو التهيب أو توقع المكروه ، ويقال : فلان رابط الجأش ، إذا كان لا يضطرب ولا يفزع