اللّه شعارا دون دثاركم (١) ، ودخيلا دون شعاركم ، ولطيفا بين أضلاعكم ، وأميرا فوق أموركم ، ومنهلا لحين ورودكم (٢) ، وشفيعا لدرك طلبتكم ، وجنّة ليوم فزعكم ، ومصابيح لبطون قبوركم ، وسكنا لطول وحشتكم ، ونفسا لكرب مواطنكم ، فانّ طاعة اللّه حرز من متالف مكتنفة ، ومخاوف متوقّعة ، وأوار نيران موقدة (٣). فمن أخذ بالتّقوى عزبت عنه الشّدائد بعد دنوّها (٤) ، واحلولت له الأمور بعد مرارتها ، وانفرجت عنه الأمواج بعد تراكمها ، وأسهلت له الصّعاب بعد إنصابها (٥) ، وهطلت عليه الكرامة بعد قحوطها ، وتحدّبت عليه الرّحمة بعد نفورها (٦) ، وتفجّرت عليه النّعم بعد نضوبها ، ووبلت عليه البركة بعد إرذاذها
__________________
(١) الشعار : ما يلى البدن من الثياب ، والدثار : ما فوقه
(٢) المنهل : ما ترده الشاربة من الماء للشرب ، والدرك ـ بالتحريك ـ اللحاق ، والطلبة ـ بالكسر ـ المطلوب. والجنة ـ بالضم ـ : الوقاية
(٣) الأوار ـ بالضم ـ : حرارة النار ولهيبها
(٤) عزبت : غابت ، وبعدت
(٥) الانصاب : مصدر بمعنى الاتعاب ، وتقول : نصب ـ من باب تعب ـ وأنصبه غيره
(٦) تحدب عليه : عطف. ونضب الماء نضوبا : غار وذهب فى الأرض ، ونضوب النعمة : قلتها أو زوالها. ووبلت السماء : ـ من باب وعد ـ أمطرت مطرا شديدا قال الأخفش : ومنه قوله تعالى : «أَخْذاً وَبِيلاً» أى : شديدا ، وضرب وبيل ، وعذاب وبيل ، أى : شديد. وأرذت ـ بتشديد الذال ـ إرذاذا : أمطرت مطرا ضعيفا فى سكون كأنه الغبار المتطاير ، وأصله الرذاذ ـ كسحاب ـ وهو المطر الضعيف