٢٢٨ ـ ومن كلام له عليه السّلام
ألا إنّ اللّسان بضعة من الإنسان (١) ، فلا يسعده القول إذا امتنع ، ولا يمهله النّطق إذا اتّسع ، وإنّا لأمراء الكلام ، وفينا تنشّبت عروقه ، وعلينا تهدّلت غصونه
واعلموا ـ رحمكم اللّه ـ أنّكم فى زمان القائل فيه بالحقّ قليل ، واللّسان عن الصّدق كليل (٢) ، واللاّزم للحقّ ذليل ، أهله معتكفون على العصيان ، [مصطلحون على الإدهان] فتاهم عارم (٣) ، وشائبهم آثم ، وعالمهم منافق ، وقارئهم مماذق ، لا يعظّم صغيرهم كبيرهم ، ولا يعول غنيّهم فقيرهم
__________________
(١) البضعة ـ بفتح الباء ، وقد تكسر ـ القطعة من اللحم ، أى : إن اللسان آلة تحركها سلطة النفس فلا يسعد بالنطق. ناطق امتنع عليه ذهنه من المعانى فلم يستحضرها ، ولا يمهله النطق إذا هو اتسع فى فكره بل تنحدر المعانى إلى الألفاظ جارية على اللسان قهرا عنه. فسعة الكلام تابعة لسعة العلم ، وتنشبت الأصول : علقت وثبتت ، والمراد من العروق الأفكار العالية والعلوم السامية ، والغصون : وجوه القول فى فصاحته ، وصفاته الفاعلة فى النفوس ، و «تهدلت» أى : تدلت علينا فأظلتنا
(٢) كل لسانه : نبا عن الغرض. وإذا مرنت الأسماع على سماع الكذب نبا عنها لسان الصدق فلم يصب منها خطأ
(٣) شرس : سيىء الخلق ، والمماذق : من يمزج وده بالغش. وهو من صنف المنافقين