بها على ندّ مكاثر (١) ، ولا للاحتراز بها من ضدّ مثاور ، ولا للازدياد بها فى ملكه ، ولا لمكاثرة شريك فى شركه ، ولا لوحشة كانت منه فأراد أن يستأنس إليها. ثمّ هو يفنيها بعد تكوينها ، لا لسأم دخل عليه فى تصريفها وتدبيرها ، ولا لراحة واصلة إليه ، ولا لثقل شىء منها عليه. لم يملّه طول بقائها فيدعوه إلى سرعة إفنائها ، لكنّه ـ سبحانه ـ دبّرها بلطفه ، وأمسكها بأمره ، وأتقنها بقدرته ، ثمّ يعيدها بعد الفناء من غير حاجة منه إليها ، ولا استعانة بشىء منها عليها ، ولا لانصراف من حال وحشة إلى حال استئناس ، ولا من حال جهل وعمى إلى حال علم والتماس ، ولا من فقر وحاجة إلى غنى وكثرة ، ولا من ذلّ وضعة إلى عزّ وقدرة.
١٨٢ ـ ومن خطبة له عليه السّلام
[يختص بذكر الملاحم]
ألا بأبى وأمّى هم من عدّة ، أسماؤهم فى السّماء معروفة ، وفى الأرض مجهولة (٢) ألا فتوقّعوا ما يكون من إدبار أموركم ، وانقطاع وصلكم ، واستعمال صغاركم.
__________________
(١) الند ـ بالكسر ـ المثل ، والمكاثرة : المغالبة بالكثرة. يقال : كاثره فكثره أى : غلبه ، والمثاور : المواثب المهاجم
(٢) يريد أهل الحق الذين سترتهم ظلمة الباطل فى الأرض فجهلهم أهلها ، وأشرقت بواطنهم فأضاءت بها السموات العلى فعرفهم سكانها