ذاك حيث تكون ضربة السّيف على المؤمن أهون من الدّرهم من حله (١) ، ذاك حيث يكون المعطى أعظم أجرا من المعطى (٢) ، ذاك حيث تسكرون من غير شراب بل من النّعمة والنّعيم ، وتحلفون من غير اضطرار ، وتكذبون من غير إحراج (٣) ، [و] ذلك اذا عضّكم البلاء كما يعضّ القتب غارب البعير (٤) ما أطول هذا العناء ، وأبعد هذا الرّجاء.
أيّها النّاس ، ألقوا هذه الأزمّة الّتى تحمل ظهورها الأثقال من أيديكم (٥) ولا تصدّعوا على سلطانكم فتذمّوا غبّ فعالكم ، ولا تقتحموا ما استقبلتم من فور نار الفتنة (٦) ، وأميطوا عن سننها (٧) وخلّوا قصد السّبيل لها ، فقد ـ لعمرى ـ يهلك فى لهبها المؤمن ، ويسلم فيها غير المسلم.
__________________
(١) لفساد المكاسب واختلاط الحرام بالحلال
(٢) أى : حيث يكون الخير فى الفقراء ، ويعم جميع الأغنياء : فيعطى الغنى سرفا وتبذيرا ، وينفق الفقير ما يأخذ من مال الغنى فى وجهه الشرعى
(٣) الاحراج : التضييق
(٤) القتب ـ محركا ـ الاكاف ، والغارب : ما بين العنق والسنام
(٥) الأزمة ـ كائمة ـ جمع زمام ، والمراد بظهورها ظهور المذمومات بها والكلام عن ترك الآراء الفاسدة التى يقاد بها قوم ويحملون أثقالا من الأوزار أى : لا تفرقوا ولا تختلفوا على إمامكم فتقبح عاقبتكم فتذموها
(٦) فور النار : ارتفاع لهبها ، أى : لا ترموا بأنفسكم فى الفتنة التى تقبلون عليها
(٧) «أميطوا» أى : تنحوا عن طريقها ، وسيلوا عن وجهة سيرها ، وخلوا لها سبيلها التى استقامت عليها