الحرام ، ورفع لهم علم الجنّة والنّار فصرفوا عن الجنّة وجوههم وأقبلوا إلى النّار بأعمالهم ، ودعاهم ربّهم فنفروا وولّوا ، ودعاهم الشّيطان فاستجابوا وأقبلوا.
١٤١ ـ ومن خطبة له عليه السّلام
أيّها النّاس ، إنّما أنتم فى هذه الدّنيا غرض تنتضل فيه المنايا (١) مع كلّ جرعة شرق ، وفى كلّ أكلة غصص (٢) لا تنالون منها نعمة إلاّ بفراق أخرى ، ولا يعمّر معمّر منكم يوما من عمره إلاّ بهدم آخر من أجله ، ولا تجدّد له زيادة فى أكله إلاّ بنفاد ما قبلها من رزقه ، ولا يحيا له أثر إلاّ مات له أثر ، ولا يتجدّد له جديد إلاّ بعد أن يخلق له جديد (٣) ، ولا تقوم له نابتة إلاّ وتسقط منه محصودة. وقد مضت أصول نحن فروعها ، فما بقاء فرع بعد ذهاب أصله؟!!
__________________
(١) الغرض : ما ينصب ليرمى ، وهو الهدف أيضا. و «تنتضل فيه» تترامى إليه المنايا للسبق ، ومنه الانتضال بالكلام والشعر ، كأنه جعل المنايا أشخاصا تتناضل بالسهام : من الناس من يموت قتلا ، ومنهم من يموت غرقا ، أو يتردى فى بئر ، أو يسقط عليه حائط
(٢) الغصص ـ بفتحتين ـ مصدر قولك «غصصت يا فلان» ـ من باب طرب ـ والفرق بين الشرق والغصص أن الشرق يكون بالماء ونحوه ، والغصص يكون بالطعام. وروى قوله «غصص» بضم الغين وفتح الصاد على أنه جمع غصة وهى الشجا يعترض فى الحلق ، ومراد أمير المؤمنين أن نعيم الدنيا لا يدوم فاذا أحسنت أساءت وإذا أنعمت أخذت بالنقم
(٣) يخلق ـ كيسمع ، وينصر ، ويكرم ـ يبلى