١٧٠ ـ ومن خطبة له عليه السّلام
روى عن نوف البكالى (١) قال : خطبنا هذه الخطبة بالكوفة أمير المؤمنين عليه السلام وهو قائم على حجارة نصبها له جعدة بن هبيرة المخزومى ، وعليه مدرعة من صوف (٢) وحمائل سيفه ليف ، وفى رجليه نعلان من ليف ، وكأن جبينه ثفنة بعير (٣). فقال عليه السلام :
الحمد للّه الّذى إليه مصائر الخلق وعواقب الأمر ، نحمده على عظيم إحسانه ، ونيّر برهانه ، ونوامى فضله وامتنانه (٤) حمدا يكون لحقّه قضاء ، ولشكره
__________________
(١) هو نوف بن فضالة التابعى البكالى ، نسبة إلى بنى بكال ـ ككتاب ـ بطن من حمير ، وضبطه بعضهم بتشديد الكاف كشداد ، وجعدة بن هبيرة : هو ابن أخت أمير المؤمنين ، وأمه أم هانىء بنت أبى طالب ، كان فارسا ، مقداما ، فقيها.
(٢) المدرعة : ثوب يعرف عند بعض العامة بالدراعية : قميص ضيق الأكمام. قال فى القاموس : ولا يكون إلا من صوف ، وتدرع : لبس المدرعة ، وربما قالوا : تمدرع
(٣) الثفنة ـ بكسر بعد فتح ـ : ما يمس الأرض من البعير عند البرك ، ويكون فيه غلظ من ملاطمة الأرض ، وكذلك كان فى جبين أمير المؤمنين من كثرة السجود وكنوا بذى الثفنات عن على بن الحسين ، وعلى بن عبد اللّه بن العباس ، وعبد اللّه ابن وهب الراسبى رئيس الخوارج ، لأن طول السجود كان قد أثر فيهم. وقال دعبل الخزاعى : ـ
ديار على والحسين وجعفر |
|
وحمزة والسجاد ذى الثفنات |
(٤) مصائر الأمور : جمع مصير ، وهو مصدر «صار إلى كذا» ومعناه المرجع قال اللّه تعالى : «وَإِلَى اَللّٰهِ اَلْمَصِيرُ» وإنما جمع المصدر ههنا لأن الخلائق يرجعون إلى ربهم فى أحوال مختلفة ، وعواقب الأمور : جمع عاقبة ، وهى آخر الشىء. والنوامى : جمع نام ، بمعنى زائد