لم أردّ على اللّه ولا على رسوله ساعة قطّ ، ولقد واسيته بنفسى فى المواطن الّتى تنكص فيها الأبطال (١) ، وتتأخّر فيها الأقدام ، نجدة أكرمنى اللّه بها (٢) ولقد قبض رسول اللّه ، صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، وإنّ رأسه لعلى صدرى ، ولقد سالت نفسه فى كفّى ، فأمررتها على وجهى (٣) ، ولقد ولّيت غسله ، صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، والملائكة أعوانى ، فضجّت الدّار والأفنية (٤) ، ملأ يهبط وملأ يعرج ، وما فارقت سمعى هينمة منهم (٥) يصلّون عليه حتّى واريناه فى ضريحه ، فمن ذا أحقّ به منّى حيّا وميّتا؟! فانفذوا على بصائركم (٦) ، ولتصدق نيّاتكم فى جهاد عدوّكم. فو الّذى لا إله إلاّ هو إنّى لعلى جادّة الحقّ ،
__________________
(١) المواساة بالشىء : الاشراك فيه ، فقد أشرك النبى فى نفسه ، ولا تكون بالمال إلا أن يكون كفافا ، فان أعطيت عن فضل فليس بمواساة. قالوا : والفصيح فى الفعل «آسيته» ولكن نطق الامام حجة
(٢) النجدة ـ بالفتح ـ الشجاعة ، ونصبها هنا على المصدرية لفعل محذوف
(٣) نفسه : دمه. روى أن النبى صلّى اللّه عليه وآله وسلم قاء فى مرضه فتلقى قيأه أمير المؤمنين فى يده ومسح به وجهه
(٤) ضجيج الدار : كان بالملائكة النازلين والعارجين ، والأفنية : جمع فناء ـ بكسر الفاء ـ وهو ما اتسع أمام الدار
(٥) الهينمة : الصوت الخفى
(٦) البصيرة : ضياء العقل ، كأنه يقول : فاذهبوا إلى عدوكم محمولين على اليقين الذى لا ريب فيه