لكم عند كلّ طاعة عونا من اللّه : يقول على الألسنة ، ويثبّت الأفئدة ، [فيه] كفاء لمكتف (١) وشفاء لمشتف
واعلموا أنّ عباد اللّه المستحفظين علمه (٢) يصونون مصونه ، ويفجّرون عيونه ، يتواصلون بالولاية (٣) ويتلاقون بالمحبّة ، ويتساقون بكأس رويّة (٤) ويصدرون بريّة ، لا تشوبهم الرّيبة (٥) ولا تسرع فيهم الغيبة ، على ذلك عقد خلقهم وأخلاقهم (٦) فعليه يتحابّون ، وبه يتواصلون ، فكانوا كتفاضل البذر ينتقى (٧) فيؤخذ منه ويلقى ، قد ميّزه التّخليص ، وهذّبه التّمحيص (٨) فليقبل
__________________
(١) الكفاء ـ بالفتح ـ : الكافى أو الكفاية
(٢) المستحفظين ـ بصيغة اسم المفعول ـ : الذين أودعوا العلم ليحفظوه.
(٣) الولاية : الموالاة والمصافاة
(٤) الروية : فعيلة بمعنى فاعلة ، أى : يروى شرابها من ظمأ التباعد والنفرة. ورية ـ بكسر الراء وتشديد الياء ـ الواحدة من الرى ، وهو زوال العطش
(٥) لا يخالطهم الريب والشك فى عقائدهم ، ولا تسرع فيهم بالافساد لامتناعهم من الاغتياب وعدم إصغائهم إليه
(٦) «عقد خلقهم» أى : إنه وصل خلقهم الجسمانى وأخلاقهم النفسية بهذه الصفات وأحكم صلتهما بها حتى كأنهما معقودان بها
(٧) أى : كانوا إذا نسبتهم إلى سائر الناس رأيتهم يفضلونهم ويمتازون عليهم كتفاضل البذر ، فان البذر يعتنى بتنقيته ليخلص النبات من الزوان ـ وهو بكسر الزاى أو ضمها حب يخالط البر ـ ويكون النوع صافيا لا يخالطه غيره ، وبعد التنقية يؤخذ منه ويلقى فى الأرض ، فالبذر يكون أفضل الحبوب وأخلصها
(٨) التهذيب : التنقية ، والتمحيص : الاختبار