ابن الخطّاب أولى بعمل الحقّ منك ، وأنت أقرب إلى رسول اللّه ، صلّى اللّه عليه وآله وسلم ، وشيجة رحم منهما (١) ، وقد نلت من صهره ما لم ينالا ، فاللّه اللّه فى نفسك فإنّك ، واللّه ، ما تبصّر من عمى ، ولا تعلم من جهل ، وإن الطّرق لواضحة ، وإنّ أعلام الدّين لقائمة. فاعلم أنّ أفضل عباد اللّه عند اللّه إمام عادل هدى وهدى ، فأقام سنّة معلومة ، وأمات بدعة مجهولة ، وإنّ السّنن لنيّرة لها أعلام ، وإنّ البدع لظاهرة لها أعلام. وإنّ شرّ النّاس عند اللّه إمام جائر ضلّ وضلّ به ، فأمات سنّة مأخوذة ، وأحيا بدعة متروكة ، وإنّى سمعت رسول اللّه ، صلّى اللّه عليه وآله وسلم ، يقول : «يؤتى يوم القيامة بالإمام الجائر وليس معه نصير ولا عاذر ، يلقى فى نار جهنّم فيدور فيها كما تدور الرّحى : ثمّ يرتبط فى قعرها (٢)» وإنّى أنشدك اللّه أن لا تكون إمام هذه الأمّة المقتول ، فإنّه كان يقال : يقتل فى هذه الأمّة إمام يفتح عليها القتل والقتال إلى يوم القيامة ، ويلبس أمورها عليها ، ويثبّت الفتن فيها ، فلا يبصرون
__________________
(١) الوشيجة : اشتباك القرابة ، وإنما كان عثمان أقرب وشيجة لرسول اللّه لأنه من بنى أمية بن عبد شمس بن عبد مناف رابع أجداد النبى صلّى اللّه عليه وآله وسلم. أما أبو بكر فهو من بنى تيم بن مرة سابع أجداد النبى. وعمر من بنى عدى ابن كعب ثامن أجداده صلّى اللّه عليه وآله وسلم. وأما أفضليته عليهما فى الصهر فلأنه تزوج ببنتى رسول اللّه : رقية ، وأم كلثوم ، توفيت الأولى فزوجه النبى بالثانية ولذا سمى ذا النورين. وغاية ما نال الخليفتان أن النبى تزوج من بنتيهما
(٢) فارتبط : أى شده وحبسه ، وروى «يرتبك»