أوصيكم ، عباد اللّه بتقوى اللّه ، وأحذّركم أهل النّفاق ، فإنّهم الضّالّون المضلّون ، والزّالّون المزلّون (١) : يتلوّنون ألوانا ، ويفتنّون افتتانا (٢) ، ويعمدونكم بكلّ عماد ، ويرصدونكم بكلّ مرصاد ، قلوبهم دويّة (٣) ، وصفاحهم نقيّة ، [و] يمشون الخفاء (٤) ، ويدبّون الضّرّاء. وصفهم دواء ، وقولهم شفاء ، وفعلهم الدّاء العياء (٥) ، حسدة الرّخاء (٦) ، ومؤكّدو البلاء ، ومقنطو الرّجاء ، لهم بكلّ طريق صريع (٧) ، وإلى كلّ قلب شفيع ، ولكلّ شجو دموع (٨) يتقارضون
__________________
(١) الزالون : من «زل» أى : أخطأ ، والمزلون : من «أزله» إذا أوقعه فى الخطأ :
(٢) «يفتنون» أى : يأخذون فى فنون من القول لا يذهبون مذهبا واحدا : و «يعمدونكم» أى : يقيمونكم بكل عماد ، والعماد : ما يقام عليه البناء ، أى : إذا ملتم عن أهوائهم أقاموكم عليها بأعمدة من الخديعة حتى توافقوهم. والمرصاد : محل الارتقاب ، ويرصدونكم : يقعدون لكم بكل طريق ليحولوكم عن الاستقامة
(٣) «دوية» أى : مريضة ، من الدوى ـ بالقصر ـ وهو المرض ، والصفاح : جمع صفحة ، والمراد منها صفاح وجوههم ، ونقاوتها : صفاؤها من علامات العداوة ، وقلوبهم ملتهبة بنارها.
(٤) يمشون مشى التستر ، و «يدبون» أى : يمشون على هينة دبيب الضراء ، أى : يسرون سريان المرض فى الجسم ، أو سريان النقص فى الأموال والأنفس والثمرات ، كذا قال الأستاذ الامام ، وهو يقتضى ضبط الضراء بالتشديد من الضر ، وعندى أنه كسحاب ، والجملة بمعنى سابقتها
(٥) الداء العياء ـ بالفتح ـ الذى أعيى الأطباء ولا يمكن منه الشفاء.
(٦) حسدة : جمع حاسد ، أى : يحسدون على السعة وإذا نزل بلاء بأحد أكدوه وزادوه ، وإذا رجا أحد شيئا أوقعوه فى القنوط واليأس
(٧) الصريع ، المطروح على الأرض ، أى : إنهم كثيرا ما خدعوا أشخاصا حتى أوقعوهم فى الهلكة
(٨) الشجو : الحزن ، أى : يبكون تصنعا متى أرادوا