لا تعرفون ـ يأخذ الوالى من غيرها عمّالها على مساوئ أعمالها (١) ، وتخرج له الأرض من أفاليذ (٢) كبدها ، وتلقى إليه سلما مقاليدها ، فيريكم كيف عدل السّيرة ، ويحيى ميّت الكتاب والسّنّة.
منها : كأنّى به قد نعق بالشّام ، وفحص براياته فى ضواحى كوفان ، فعطف إليها عطف الضّروس وفرش الأرض بالرّءوس (٣) قد فغرت فاغرته وثقلت فى الأرض وطأته ، بعيد الجولة ، عظيم الصّولة (٤). واللّه ليشرّدنّكم
__________________
(١) إذا انتهت الحرب حاسب الوالى القائم كل عامل من عمال السوء على مساوئ أعمالهم ، وإنما كان الوالى من غيرها لأنه برىء من جرمها
(٢) أفاليذ : جمع أفلاذ ، جمع فلذة ، وهى القطعة من الذهب والفضة ، وهذا كناية عما يظهر لمن يقوم بالأمر من كنوز الأرض ، وقد جاء ذلك فى خبر مرفوع فى لفظه «وفاءت له الأرض أفلاذ كبدها» ومن الناس من يفسر قوله تعالى : «وَأَخْرَجَتِ اَلْأَرْضُ أَثْقٰالَهٰا» بذلك ، قاله ابن أبى الحديد
(٣) انتقال إلى الكلام فى قائم الفتنة ، قال ابن أبى الحديد : هذا إخبار عن عبد الملك بن مروان ، وظهوره بالشأم ، وملكه بعد ذلك العراق ، وما قتل من العرب فيها أيام عبد الرحمن بن الأشعث ، وقتله أيام مصعب بن الزبير .. وتقول نعق الراعى بغنمه ، بالعين المهملة ، وتقول : نغق الغراب ، بالغين المعجمة ، والمعنى فيهما صاح وصوت. وفحص : بحث ، وكوفان : الكوفة. والضروس : الناقة السيئة الخلق تعض حالبها ، وقوله «وفرش الأرض بالرءوس» معناه غطاها بها كما يغطى المكان بالفرش ، وهذا كناية عن كثرة من يقتله.
(٤) «فغرت فاغرته» تقول : فغر فاه ، بمعنى فتحه ليتكلم مثلا ، وتقول : فغر فوه ، ففغر فعل يتعدى ويلزم ، والكلام استعارة عن كثرة أوامره التى تخالف ما عرفوه من الشرع. وقوله «ثقلت فى الأرض وطأته» كناية عن جوره وظلمه. وقوله «بعيد