اعلموا ، عباد اللّه ، أنّ عليكم رصدا من أنفسكم (١) ، وعيونا من جوارحكم ، وحفّاظ صدق يحفظون أعمالكم وعدد أنفاسكم ، لا تستركم منهم ظلمة [ليل] داج ، ولا يكنّكم منهم باب ذو رتاج (٢) ، وإنّ غدا من اليوم قريب.
يذهب اليوم بما فيه ، ويجىء الغد لاحقا به ، فكأنّ كلّ امرىء منكم قد بلغ من الأرض منزل وحدته (٣) ، ومخطّ حفرته ، فيا له من بيت وحدة ، ومنزل وحشة ، ومفرد غربة! وكأنّ الصّيحة قد أتتكم ، والسّاعة قد غشيتكم وبرزتم لفصل القضاء ، قد زاحت عنكم الأباطيل (٤) ، واضمحلّت عنكم العلل واستحقّت بكم الحقائق ، وصدرت بكم الأمور مصادرها ، فاتّعظوا بالعبر ، واعتبروا بالغير ، وانتفعوا بالنّذر.
__________________
(١) الرصد : جمع راصد ، مثل حرس فى جمع حارس ، يريد به رقيب الذمة وواعظ السر الروحى الذى لا يغفل عن التنبيه ولا يخطىء فى الأنذار والتحذير ، حتى لا تكون من مخطىء خطيئة إلا ويناديه من سره مناد يعنفه على ما ارتكب ، ويعيبه على ما اقترف ، ويبين له وجه الحق فيما فعل ، ولا تعارضه علل الهوى ، ولا يخفف مرارة نصحه تلاعب الأوهام ، وأى حجاب يحجب الانسان عن سره؟؟!!
(٢) الرتاج ـ ككتاب ـ : الباب العظيم إذا كان محكم الغلق
(٣) منزل وحدته : هو القبر
(٤) زاحت : بعدت ، وانكشفت